قالوا إن قوله -عليه الصلاة والسلام- من ترخص بفعلي أو اقتدى بي في هذه الساعة، فقولوا له أن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما أحلت له في هذه الساعة، يعني أحل له القتال وأحل له الدخول بغير إحرام، ثم عادت حرمتها، فلا يجوز القتال فيها، ولا يجوز دخولها بغير إحرام، وهذا نص عليه جمع من أهل العلم واستدلوا بهذا الحديث على أنه يجب على كل من أراد دخول مكة أن يحرم، لكن الحديث الآخر أصرح في الدلالة، والقول الثاني أرجح، وأنه لا يلزم؛ لأن دليل القول الأول مجمل، يحتمل الأمرين معاً، ويحتمل القتال فقط، مادام مجملاً ويوجد النص الصحيح المفسر البين الواضح فيقدم عليه، ولذا المرجح من قول أهل العلم أنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد الحج والعمرة.
ما حكم الإحرام للمتردد في الحج والعمرة؟
نعم هذه مسألة تحصل كثيراً يكون للإنسان عمل معين قريب من مكة، إما أن ينتدب إلى الطائف أو إلى جدة، فالطائف بإمكانه أن يحرم من السيل، لا إشكال فيه إذا غلب على ظنه أو ترجح عنده أداء العمرة، لكن الإشكال في مثل جدة، ينتدب للعمل في جدة، ويكون متردداً إن تيسر لي اعتمرت، ما تيسر أديت العمل ورجعت، إن كان تردده على حد سواء هل يعتمر أو لا يعتمر على حد سواء -خمسين بالمائة يعتمر وخمسين بالمائة لا يعتمر أو أقل- كان عزمه على العمرة أقل من عدمه، فمثل هذا يحرم من حجه، وإن كان الغالب على الظن أنه يأتي بالعمرة ويتمكن من فعلها بعد فراغه من عمله أو قبله، فمثل هذا يحرم من ميقات بلده، والحكم معلق بغلبة الظن.