وهذا الكلام في هذا الموضوع لا شك أنه يحتاج إلى أديب؛ فجل من كتب في هذا المجال له يد طولى في الأدب، ولا تجدون من أهل العلم الصرف ممن كتب إلا القليل النادر، وإذا كتب فإنه يكتب منسكاً، يسميه رحلة، على طريقة أهل العلم، وأما من كتب في الموضوع ممن يشد القارئ إلى هذه الرحلة فهم من لهم عناية في الأدب، ولذا تجدون كل من كتب في الجملة له يد طولى في الأدب كما سيأتي في تراجم بعضهم، ولذا لو طلب مني فضيلته أن أتحدث عن رحلتي الخاصة أو عن رحلاتي إلى الحج ما أجبته؛ لأني لست من أهل الأدب.
الأدب المقصود به أدب الدرس، وإلا فأدب النفس معروف، كل من ينتسب إلى العلم يظن فيه إن شاء الله هذا.
أنا أتحدث عن الكتب والرحلات باعتبار أنها كتب، ولي شيء من الدراية والخبرة بالكتب، لكن مع الأسف أن كتب الرحلات وكتب الدواوين وكتب الأدب عموماً عندي -في مكتبتي- مركوم بعضها على بعض منذ أمد طويل؛ رجاء أن يتسنى الوقت لترتيبها وتنظيمها، ولذا لا تجد في هذه الكتب مما قرأته ودونته فوائده، إنما كتب من الكتب الطارفة يعني ما هي من التليدة.
على كل حال، لا بد من إجابة الدعوة؛ لأن الداعي له حق عليَّ بلا شك وهو أثير عندي فلا أستطيع رد الدعوة، وإن كانت كتبي غير مهيأة للنظر فيها، لا سيما في هذا المجال، ولذا قد تجدون شيئاً مما توقعتم أكثر منه.
على كل حال الله -جلا وعلا- أمر نبيه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لما بنى البيت بقوله -جل وعلا-: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [(٢٧) سورة الحج].