جاء في تقدمة الدكتور/ حسين نصار لهذه الرحلة يقول: هذا الكتاب رحلة قام بها أندلسي للحج، استغرقت عامين وثلاثة أشهر ونصف، من التاسع عشر شوال سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، إلى الثاني والعشرين من المحرم سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وزار فيها مصر وبلاد العرب والعراق والشام وصقلية، ووصف في هذه الرحلة المدن التي مر بها، والمنازل التي حل فيها وصفاً يختلف إسهاباً وإيجازاً وفقاً لأهمية الموضع، وتختلف المظاهر التي عني بوصفها في المدن المتنوعة، تختلف أحياناً وتتفق أحياناً، فقد عني في جميع المدن التي وصفها بالمساجد وقبول الصحابة، والمشهورين، والمستشفيات، والمصحات، والآثار المعروفة، وعني في مصر خاصة ببعض النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وببلاد العرب بالناحية الدينية خاصة، وفي العراق بالوعظ والوعاظ، يعني يذكر ما يشتهر به هذا البلد.
أذكر في قراءتي القديمة لهذه الرحلة أنه ذكر أنه دخل بلد من بلدان فلسطين، ما أدري نابلس أو غيرها، فوجد أهلها يضعون أيديهم على أستائهم إذا مشوا، يعني يضعون أيديهم على خلفهم -وهذا متى؟ في القرن السادس- ثم أخذ يتكلم عن هذه العادة وأنها سيئة ولا تنبغي، لا ينبغي فعلها.
عني في بلاد العرب بالناحية الدينية خاصة، وفي العراق بالوعظ والوعاظ وفي الشام بالنواحي السياسية والاقتصادية والحروب بين المسلمين والصليبين، وفي صقلية بالمسلمين تحت حكم الملك الكافر، وطبيعي أنه التفت في كل مدينة بالأمر الذي اشتهرت به، واهتم بوصفه كمنار الإسكندرية وأهرام القاهرة، ومقياس جزيرة الروضة، وآثار مكة الإسلامية والمسجد النبوي بالمدينة، ومسجد الكوفة، ونفط الموصل، وقلعة حلب، والمسجد الأموي بدمشق وما إلى ذلك، والحق أن الكتاب -يقول المقدم-: يتضمن بعض المعلومات التي لا يستغني عنها مؤرخ أو جغرافي أو أديب.
وعني المؤلف في كل قطر نزل به بتقصي أحوال المغاربة فيه -أحوال قومه- وعلاقة أهله بهم، ووصف ذلك في رحلته وصفاً مطولاً، والكتاب اختلف في عنوانه، فجعله حاجي خليفة صاحب كشف الظنون:(رحلة الكناني)؛ لأن نسبته تنتهي إلى كنانه.