للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد يقول قائل مثلاً: إن نزول الشيخ، النزول المنسوب لشيخ الإسلام ألا يمكن أن يكون مثل ما جاء في الخبر لما تلا قول الله -جل وعلا-: {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [(١٣٤) سورة النساء]، وضع إصبعه على عينه وعلى أذنه؛ ليبين أن سمع الخالق وبصر الخالق حقيقي، كما أن سمع المخلوق حقيقي وليس سمع المخلوق كسمع الخالق، ولا بصر المخلوق، ولا عينه كعين الخالق؟ هذا ليدل على أن هذا حقيقة، لكن مثل هذا يقتصر فيه على مورد النص، ولا يتجاوز، ولم يرد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نزل من درجات المنبر وقال: كنزولي هذا، أبداً، بل هذه محض فرية على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.

استغرق ما يتعلق بالحرمين الشريفين من صفحة اثنين وثمانين إلى مائة وستة وعشرين، من هذه الطبعة، إلى مائة وستة وعشرين، أربعة وأربعين صفحة، أربعة وأربعين صفحة, ومن الطبعات الأخرى كطبعة صادر مثلاً من مائة وثلاثة عشرة إلى مائة واثنين وسبعين، يعني قريب من ستين صفحة.

المقصود أنه أطال في ذكر المشاهد والمزارات والجبال والمواقف والمشاعر، أطال في هذا كثيراً ولم يذكر في رحلته من المسائل العلمية إلا الشيء اليسير، وتعرفون الوقت لا يتسع لبسط بعض ما ذكره من هذه الأمور.

من الرحلات المشهورة رحلة الورثيلاني، واسمها: (نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار) ومؤلفها الحسين بن محمد السعيد الورثيلاني مؤرخ من فقهاء المالكية، له اشتغال بالتصوف، نسبته إلى بني ورثيلان، قبيلة بالمغرب الأوسط قرب بجاية في الجزائر، نشأ بها وحج فأخذ عن علماء مصر والحجاز، وذكر في رحلته ما شاهده من الأمكنة ومن اجتمع بهم من الأعيان في حجته سنة تسعة وسبعين ومائة وألف، وهذه الرحلة طبعت في تونس سنة ١٣٢١ فقي ثلاثة أجزاء، لكنها طبعة قد لا يستفيد منها كثير من طلاب العلم؛ لأنها طبعة حجرية، وبالخط المغربي العتيق، ثم طبعت في الجزائر سنة ستة وعشرين وثلاثمائة في مجلد كبير، وقراءتها متيسرة لطلاب العلم من المشارقة، سهل يعني قراءتها، وإن كانت في رسمها وصورتها على الحروف المغربية وطريقتهم، وصورت بعد ذلك سنة ١٣٩٤ في دار الكتاب العربي.