لا شك أن مثل هذا يسمى رحلة، وكثير من الرحلات سموها الرحلة المكية، أو التحفة المكية، أو الفوائد المكية، بهذا الاسم، وابن القيم -رحمه الله- ذكر في مجاورته عنه وعن شيخه -شيخ الإسلام- الشيء الكثير، وابن القيم تحرر له من المسائل هناك في مكة ما لم يتحرر له في غيرها لا سيما بعد أن يكثر من الذكر، وشيخ الإسلام يذكر شيئاً من هذا في هذا المكان الطاهر الذي هو أقدس البقاع، ومع الأسف أن طالب العلم إذا ذهب إلى هناك قد لا يستشعر عظمة هذا البيت، ويوجد ما يشوش عليه بلا شك مما يجعله لا يستشعر هذه العظمة ولا يستشعر العبودية التي من أجلها خلق، لا سيما في هذا المكان المقدس، والصوارف عن هذا الاستشعار كثيرة، الصوارف كثيرة، فهذا قد يكون عذراً، لكن في الحقيقة على الإنسان أن يتجه إلى الله -جل وعلا- في كل زمان وفي كل مكان لا سيما في هذه الأماكن المقدسة.
تجد بعض الناس يشغل ويؤذي عباد الله من المتعبدين وغيرهم بالأنغام المحرمة، تجده أثناء الطواف وأثناء التهجد أحياناً ولا يستحي من أحد، وهذا مما يؤسف له، فعلى طالب العلم أن يلجأ إلى الله -جل وعلا- في كل زمان وفي كل مكان لا سيما في هذه الأماكن التي تضاعف فيها الأجور، وتعظم فيها الأوزار، ومجرد الهم بالمعصية يكتب عليه، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(٢٥) سورة الحج]، فعلى الإنسان أن يستشعر مثل هذا، ويلجأ إلى الله -جل وعلا- ويصدق اللجأ إليه، ويسأله أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وحينئذ يوفق إن شاء الله تعالى.
أحسن الله إليكم.
هل كتب العلماء رحلات علمية إلى غير الحج؟
نعم، كتبوا رحلات إلى البلدان التي زاروها، وهذا كثير جداً، كتبوا رحلات كثيرة إلى الأندلس، من المشارقة إلى الأندلس، ومن المغاربة إلى المشرق، منهم من كتب جولاته في ربوع العالم في القارات كلها، ممن تقدم وممن تأخر، فالرحلات موجودة في القديم والحديث، وكلها موجودة ومدونة، لكن الحديث في درسنا هذا فيما يتعلق بحج بيت الله الحرام ولم نشر إلى غيره.