واستدل المجد ابن تيمية في المنتقى على عدم الوجوب بتضحية الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أمته، وذكر حديث جابر -رضي الله تعالى عنهما- قال:"صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه" فقال: ((باسم الله والله أكبر، هذا عني وعن من لم يضحِ من أمتي)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وأيضاً ذكر حديث علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما، وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية، ثم يقول:((اللهم هذا عن أمتي جميعاً، من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ)) ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه، ويقول:((هذا عن محمد وآل محمد)) فيطعمهما جميعاً المساكين، ويأكل هو وأهله منهما، يقول: فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحي، قد كفاه الله المئونة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه الإمام أحمد.
يقول الشوكاني في شرحه نيل الأوطار: "ووجه الدلالة من الحديثين على عدم الوجوب أن تضحيته -صلى الله عليه وسلم- عن أمته وعن أهله تجزئ كل من لم يضحِ، سواءً كان متمكناً من الأضحية أو غير متمكن، ثم تعقبه بقوله: ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن حديث: ((على كل أهل بيت أضحية)) يدل على وجوبها على كل أهل بيت يجدونها، فيكون قرينةً على أن تضحية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن غير الواجدين من أمته".
فقوله:((من لم يضحِ)) يعني مع عدم القدرة، أما القادر فلا يعفى عنها، على كل حال مما تقدم يتضح أن أقوى الأدلة للقائلين بالوجوب الآية:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(٢) سورة الكوثر] وحديث جندب بن سفيان ((فليعد)) ((وليذبح)) لا شك أن اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب.
وأقوى أدلة المخالفين رد أمر التضحية إلى إرادة المضحي، كما في حديث أم سلمة عند مسلم وغيره، ولا شك أن المسألة في الطرفين محتملة.
طالب: لماذا لا يكون قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ((فليعد)) ((وليذبح)) لأنه عين الأضحية؟
لا، قال:((من ذبح قبل صلاة الإمام فليعد)) غير قصة أبي بردة بن نيار، غيرها.