وإذا كان الأمر كذلك فالمرجح قول الجمهور؛ لأن الأدلة تكاد تكون متكافئة، ومع ذلك إذا كانت المسألة بهذه المثابة فلا يلزم المسلم إلا بملزم، والأصل براءة الذمة، وعلى هذا على المسلم أن يحرص على هذه الشعيرة، لا سيما وأنه قيل بوجوبها، والأدلة قابلة للنظر، إبراءً لذمته، وخروجاً من الخلاف.
وترجم الإمام البخاري -رحمه الله-: باب سنة الأضحية، وقال ابن عمر:"هي سنة ومعروف"، إذا عرفنا ذلك فقد استثنى الإمام مالك الحاج بمنى، وقال:"لا تسن له الأضحية؛ لأن ما يذبحه هدي لا أضحية" واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ففي الاختيارات:"ولا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي".
لا تضحية بمكة، هل المقصود مكة الحاج؟ أو ممن وجد في مكة وقت الأضحية؟ وإذا أهدى غير الحاج إذا أهدى للبيت هو غير حاج، شيخ الإسلام يقول:"ولا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي" يعني هل كلام شيخ الإسلام على عمومه أن كل من وجد بمكة لا أضحية عليه؟ أو أن المراد به الحاج، كما قال مالك؟ استثنى مالك الحاج بمنى، وقال:"لا تسن له الأضحية؛ لأن ما يذبحه هدي لا أضحية"؟
ويمكن التوفيق بين القولين أن من كان بمكة ممن يريد الهدي من الحاج، وعلى هذا لو حج مفرداً، ولا هدي عليه، لا واجب ولا تطوع، يضحي وإلا ما يضحي؟ مالك وشيخ الإسلام ما تركوا الأضحية إلى غير بدل، وإنما تركاها لبدل وهو الهدي، فالحاج مفرداًً نقول: والله شيخ الإسلام الحاج ما عليه أضحية فلا تضحي، وهو لا يهدي لا واجب ولا مستحب، أو تبقى أدلة الأضحية في محلها؟ وإنما إذا أهدى سقطت عنه الأضحية؟