أدلة الأضحية في محلها، الأدلة الدالة على استحبابها استحباباً مؤكداً في محلها، فإن أراد أن يهدي سواءً كان هديه واجب، كهدي التمتع والقران، أو مستحب، كما يساق إلى البيت من غير إيجاب، فإن هذا تسقط عنه الأضحية، هذا كلام شيخ الإسلام، وقبله الإمام مالك، خالفهم جميع أهل العلم، أو جماهير أهل العلم نظراً لعموم أدلة الأمر بالأضحية في الحاج وغيره، ولبعض النصوص المصرحة بمشروعية الأضحية للحاج بمنى، وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه: باب الأضحية للمسافر والنساء، وذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها، وحاضت بسرف، يعني وقد حاضت بسرف، قبل أن تدخل مكة، وهي تبكي، فقال:((ما لك؟ أنفست؟ )) قالت: نعم، قال:((إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر، تقول عائشة:"أتيت بلحم بقر" فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه بالبقر"، يعني تمسك بقوله: "ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه بالبقر" من يقول: بأن الأضحية مشروعة للحاج بمنى، يعني ولو أهدى، ولو أهدى يضحي، وهذا في الصحيحين، أخرجه مسلم بلفظ: "أهدى" بدل "ضحى"، قال ابن حجر: "الظاهر أن التصرف من الرواة" يعني التصرف بين أهدى وضحى إنما هو من الرواة؛ لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفظ: "أهدى" وتبين أنه هدي التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: "لا ضحايا على أهل منى" وتبين توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية، إلى آخره.
الآن في الحديث المخرج في البخاري: "ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه بالبقر" يعني تمسك بهذا الجماهير فقالوا: أن الأضحية إضافة إلى النصوص العامة التي وردت في الأضحية، أن الحاج بمنى يضحي، أخذاً من لفظ: "ضحى"، اللفظ الثاني وهو عند مسلم: "أهدى" فلا يكون في الحديث دليل، وتبقى النصوص العامة على وضعها.