((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) مفهوم الحديث أن الذي لا يقول خيراً ولا يصمت إنما يقول شراً أو يصمت عن الخير لا عن الشر مفهوم الحديث أنه لا يؤمن بالله واليوم الآخر، لكن هل هذا المفهوم مراد؟ الذي لا يصمت عن قول الشر، أو يصمت عن قول الخير، هل مفهوم هذا أنه لا يؤمن بالله واليوم الآخر؟ هذا الحديث خرج مخرج الزجر، يعني كما يقول الوالد لولده: إن كنت ابني فافعل كذا، إن كنت ابني احفظ القرآن، يعني هل يفهم من كلامه أنه إذا لم يحفظ القرآن يتبرأ منه ولا يرضى بانتسابه إليه؟ لا أبداً، إنما يقصد منه الحث على هذا العمل، فالمقصود من هذا الحديث الحث على هذه الأعمال، ومنهم من يقول:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)) الإيمان الكامل ((فليقل خيراً أو ليصمت)) ولا يراد منه نفي حقيقة الإيمان عن من لا يقول خيراً أو يصمت عن الشر، بدليل الإجماع، إجماع أهل العلم على أن من قال شراً لا يصل إلى حد الكفر فإنه لا يخرج به عن مسمى الإيمان، وإن فسق بقوله الباطل ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً)) فليقل خيراً، والقول يشمل ما ينطق به اللسان، ما ينطق به اللسان مما يتعدى نفعه إلى الغير ومما يقتصر نفعه على صاحبه، فمن قول الخير المتعدي نفعه تعليم الناس الخير، وتوجيه الناس، ونصح الناس، وأمر الناس بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، هذا من قول الخير المتعدي نفعه إلى الغير، يعلم الناس، يوجه الناس، يدعو الناس، يرشد الناس، ينصح الناس، يأمر الناس بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، هذه أمور يتعدى نفعها إلى الغير وهي مما يقال باللسان، وأما ما يقال باللسان ويدخل تحت قول الخير ما نفعه قاصر على صاحبه، يعني ظاهراً وإن كان هذا القول القاصر والنفع القاصر يعين على النفع المتعدي، ومن ذلكم قراءة القرآن، كثرة الذكر، وجاء في الحث على جميع ذلك ما جاء، جاء ما جاء من النصوص في تعليم الناس الخير، وجاء أيضاً مما يحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو السبب في كون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، هذه الشعيرة العظيمة ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) وهذا مقرون بالاستطاعة ((فإن لم يستطع فبلسانه)) وهذا هو