وكما هو المعلوم أنه يشرع لمن أراد قراءة القرآن أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(٩٨) سورة النحل] وهل يستعاذ بلفظ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو بلفظ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؟ على كل حال لكلٍ منهما ما يدل عليه، والأمر فيه سعة، والاستعاذة سنة، وهي قبل القراءة، فقوله:{فَإِذَا قَرَأْتَ} يعني إذا أردت القراءة، هذا قول عامة من يعتد بقوله من أهل العلم، وإن كان أهل الظاهر يرون أن الاستعاذة بعد القراءة، يعني إذا قرأت يعني إذا فرغت من القراءة كما هو الأصل في الفعل الماضي، وعامة أهل العلم يقولون: إذا أردت، يعني قبل القراءة، كما في قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(٦) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، فالفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ منه، وهذا هو الأصل، إذا قلت: قام زيد، يعني أنه انتصب قائماً وانتهى من عملية القيام، ويطلق الفعل ويراد به الشروع فيه، كما في الحديث:((وإذا ركع فاركعوا)) يعني إذا شرع في الركوع فاركعوا، لا أن المعنى إذا أراد الركوع اركعوا، وتركعون قبله، ولا أن المراد به إذا فرغ من الركوع فاركعوا، يعني إذا شرع، وأخذ في الركوع اركعوا، فالفعل يطلق ويراد به الفراغ منه، ويطلق ويراد منه الشروع فيه، ويطلق ويراد به إرادته قبل البدء به، ومنه {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(٩٨) سورة النحل] يعني إذا أردت القراءة.
والاستعاذة سنة عند عامة أهل العلم، ولذا تشرع في الصلاة وخارج الصلاة، وبعد دعاء الاستفتاح يشرع للمصلي أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويبسمل، يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، والبسملة عند أهل العلم محل خلاف هل هي آية من كل سورة أو ليست بآية؟ الخلاف بسطه معروف في مقدمات كتب التفسير، وفي كتب الفروع.