للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوقوع في أعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد يقول: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها العلماء والحكام" فعليك أن تحفظ لسانك، وتصون ما اكتسبته من حسنات، لا توزع حسناتك على فلان وفلان وفلان، فاحرص على ما جمعت، يعني لو أنك اجتهدت في يومك وكسبت دراهم معدودة، مئات، أو ألوف، أو عشرات، ثم وضعتها في صندوق عند الباب، ولم تنوِ بذلك التقرب إلى الله -جل وعلا-، إنما من باب السفه، فجاء الصبيان، وجاء الأطفال وأخذوها، ورموها، أو مزقوها، ماذا يقال عنك؟ يقال: مجنون، ما في أحد بيتردد أن من يصنع هذا العمل مجنون، لكن هذه الحسنات التي تعبت عليها، وهي زادك إلى الآخرة، عليك أن تحافظ عليها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول لصحابته الكرام: ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس من لا درهم ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال .. )) وفي بعض الروايات: ((أمثال الجبال من صلاة وصيام وصدقة -وغيرها من الأعمال الصالحة- ثم يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك مال هذا، يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، إن فنيت قبل أن يستكملوا أخذ من سيئاتهم وطرحت عليه فأدخل في النار)) فعليك أن تحفظ لسانك لا بالنسبة للعلماء ولا لغيرهم، والعلماء أولى من تحفظ أعراضهم؛ لأن الكلام فيهم يهون من شأنهم، والتهوين من شأنهم لا لأنهم فلان أو علان، هذا لا يضر كثيراً مثل ما يضر من التهوين من شأن العلم الذين هم في الحقيقة قدوات للناس.

يقول: وإن صدر منهم بعض الفتاوى التي تخالف إجماع أهل العلم؟

إذا لحظت مثل هذه الفتوى فعليك أن تتثبت بالفعل، هل قالها هذا العالم؟ لأن بعض الناس يتسرع في النقل وقد ينقل خطأ، فأنت تتثبت من صحة نسبتها، ومن صحة مفادها، ومن صحة حقيقتها، من صحة نسبتها إلى القائل، ومن صحة القول في نفسه، ثم بعد ذلك عليك أن تناقش هذا القائل، وبأسلوب مؤدب ومحترم، تقول له: سمعنا كذا فهل هو صحيح؟ وإن كان صحيح فما وجهه؟ وأهل العلم سلفاً وخلفاً يقولون: كذا، وتصل إلى مرادك من غير أن تضر نفسك.