والعصر أقسم الله -جل وعلا- بالعصر لما يحدث فيه سواء كان بكامله من أوله إلى آخره، أو بجزء من أجزائه طال أو قصر من الأعاجيب، يحصل فيه من الأعاجيب شيء قد لا يخطر على بال الإنسان، قد لا يدرك الإنسان شيئاً منه إذا كانت له عناية بقراءة التواريخ وأخبار الأمم الماضية، يدرك شيء من هذه الأعاجيب، وتصرف الأحوال وتصرم الليالي والأيام يدرك شيئاً من ذلك إذا كانت له عناية أو كان له بصيرة ينظر فيها بعين الاعتبار والادكار.
الله -جل وعلا- أقسم بالعصر كما أقسم بالضحى وأقسم بالليل، وأقسم بالفجر، يقسم -جل وعلا- بما شاء يقسم بما شاء، ومن أهل العلم من يقدر مقسم به مضاف إلى العصر محذوف فيقول: ورب العصر، لكن الأكثر على أنه لا يحتاج إلى تقدير، وأن الله -جل وعلا- له أن يقسم بما شاء من خلقه، وبما شاء من آياته يقسم بما شاء ولو كان مخلوقاً، بينما المخلوق ليس له أن يقسم ولا يحلف إلا بالله -جل وعلا- ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) فالقسم بغير الله من الشرك، إن كان من الشرك الأصغر عند أهل العلم، إلا إن وقر في قلب الحالف أنه حلف به؛ لأنه مساو لله -جل وعلا- في عظمته فهذا أكبر نسأل الله السلامة والعافية، وإلا فهو من الأصغر الداخل في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(١١٦) سورة النساء] عند جمع من أهل العلم, وأن الشرك الأصغر كالأكبر لا يغفر بل لا بد أن يعذب بقدره ثم بعد ذلك مآله إلى الجنة إن لم يرتكب مكفراً مخرجاً، أما الشرك الأكبر فإن صاحبه خالد مخلد في النار نسأل الله السلامة والعافية.