لأن العمل إذا لم يكن على، يعني إذا كان على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا بد أن يكون خالصاً لله -جل وعلا- وإذا لم يكن خالصاً، فإنه لن يكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- شامل للأعمال الظاهرة البدنية وأعمال القلوب، فإذا كانت صورة العمل مطابقة لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه ليس العمل خالصاً بل دخله وشابه ما شابه من مراءاة الناس أو التشريك في عبادته فإنه لن يكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا حاجة إلى الشرط الأول، هكذا قال بعضهم. الكلام سليم أو ليس بسليم، مستقيم أو غير مستقيم؟
نقول: لسنا بحاجة إلى أن نقول بالشرطين، يكفينا الشرط الثاني؛ لأنه إذا كان على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- صواباً على سنة محمد -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا بد أن يكون خالصاً، فلا داعي لاشتراط الإخلاص.
تنصيص أهل العلم على الإخلاص للاهتمام به والعناية بشأنه؛ لأن كثيراً من المسلمين لو لم يذكَّر به لنسيه، فالنية شرود، ويذكر، وجاءت فيه النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة, ويتردد في كلام أهل العلم وهو شرط مؤكد عندهم يكررونه في كل عبادة من أجل أيش؟ أن يتذكره الإنسان فلا يعزب عن باله، وإلا فالنية شرود، النية شرود, أن تدخل بنية خالصة جئت إلى المسجد لتؤدي هذه الصلاة ولم ينهزك عن بيتك إلا هذه العبادة لله -جل وعلا- ثم بعد ذلك إذا كبَّرت النية لا بد أن تستحضرها، ولا تروح يمين وإلا يسار تفوتك، ويطرأ على الإنسان في أثناء صلاته ما لا يخطر في باله، فالناس لا بد من تذكيرهم بهذا الشرط والتنصيص عليه وإن كان كلام الآخر له وجه، لكن لا بد من التنصيص على مثل هذا؛ لأنه لو غفل عنه لمالت المقاصد بالمكلفين يميناً وشمالاً.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا}: عملوا الصالحات, لا بد من العمل لتتحقق النجاة من الخسران الذي حكم به على جميع الناس؛ لأن الإنسان وإن كان لفظه لفظ المفرد، إلا أن المراد به الجنس، المراد به الجنس.