{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: هذا الحق وهذا الإيمان، وما يطلبه هذا الإيمان إذا عمل به في نفسه انتفع كثيراً، لكن من متطلبات هذا الإيمان نفع الآخرين، من متطلبات العمل الصالح أيضاً التعدي، أن تكون هذه الأعمال الصالحة متعدية، وتواصوا بالحق، التواصي تفاعل، لا بد أن يكون من طرفين، فكل واحد يوصي أخاه بالحق الذي هو الدين، الدين بجميع فروعه، وأصوله، هو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال، فإذا تواصى المسلمون بالحق نجوا من الخسارة، وتواصوا أيضاً بالصبر؛؛ لأن الإنسان إذا علم هذا الدين وهذا الإيمان وعمل به ودعا غيره إلى هذا المطلوب المنجي من الخسارة المحكوم بها على العموم، فإذا تواصى مع غيره لا بد أن يناله ما يناله من الأذى؛ لأن الناس لا يحتملون – يعني الناس جبلوا على ألا يحتملوا- من يعارض شهواتهم ونزواتهم، فلا بد أن يحصل له ما يحصل من الأذى، فعلى هذا يوصي نفسه ويوصي غيره بالصبر، يوصي نفسه ويوصي غيره ويوصيه غيره أيضاً بالصبر، لا بد أن يتواصوا بالصبر؛ لأن الطريق شاق فالذي لا يتعرض للناس، بمعنى أنه لا يأمرهم ولا ينهاهم هذا في الغالب سالم منهم، سالم منهم, ما في أحد يعتدي إلا إنسان ظالم، لكن الذي يرجو أن يعم نفعه وخيره وفضله وعلمه ويتعدى إلى الآخرين لا بد أن يناله ما يناله، وتنظرون فيمن يتولى الأمر والنهي والدعوة, تنالهم مشقة عظيمة، مشقة لاحقة ببدنه، مشقة لاحقة به من قبل غيره, فتجد الذي يقف ويحول دون الناس ودون شهواتهم ويوصيهم بالحق لا بد أن يوصي نفسه أولاً ويتجمل بهذا الخلق العظيم الذي هو الصبر، فلا بد من الصبر؛ لأن الجنة حفت بالمكاره, والمكاره تحتاج إلى صبر، والصبر حبس النفس فلا بد من أن يصبر على طاعة الله, ولا بد من أن يصبر عن معصية الله, ولا بد أن يصبر على أقدار الله المؤلمة التي تخالف ما يشتهيه، فلا بد أن يصبر على جميع ما يعترضه في طريقه في علمه في عمله في دعوته في أمره في نهيه وجميع ذلك لا بد فيه من الصبر، لا بد أن يصبر ولا بد أن يحتسب, وبعض الناس تجده على شفه بمجرد أدنى هزة ينكص على عقبيه, لا يتحمل ولا يصبر فالمسألة تحتاج إلى صبر, والأنبياء حصل لهم ما حصل من أقوامهم، والعلماء والدعاة