قول الزور وشهادة الزور ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثة: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) ثم قال: ((ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)) وهذا من الكذب، ضرب من الكذب، لكن شأنه عظيم؛ لأنه يترتب عليه اقتطاع حق مسلم ((ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)) فما زال -عليه الصلاة والسلام- يكررها حتى تمنى الصحابة سكوته، هذا من قول الشر، فعندنا قول خير، ومنه المتعدي ومنه القاصر، ومنه قول الشر، ومنه السكوت عن الشر، والصمت الذي جاء الأمر به في هذا الحديث، فليقل، فليصمت، أو ليصمت، وليكرم، هذه اللام لام الأمر، فقول الخير مأمور به، الصمت عن الشر مأمور به، يقابل هذين قول الشر والصمت عن الخير، ما جاء في الحديث ممدوح، يؤمن بالله واليوم الآخر، لكن ما يقابل ما جاء في الحديث من قول الشر عندنا قول الخير مأمور به، فليقل خيراً، الصمت مأمور به، والمراد به الصمت عما يضاد قول الخير، وهو قول الشر، يقابل هذين والقسمة رباعية قول الشر والصمت عن الخير، وذكرنا أن مفهوم الحديث وإن كان المفهوم غير مراد أن الذي يقول الشر أو يصمت عن الخير، مفهوم الحديث يدل على أنه لا يؤمن بالله واليوم الآخر، فإما أن يحمل على الإيمان الكامل كما قررنا، أو يقال: إن المراد به الحث على هذه الخصال والعناية بشأنها،، وبهذا الحديث يستدل أهل السنة والجماعة على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل، والقول عمل اللسان، وليصمت ترك، والترك عمل عند أهل العلم، يفيده قول الصحابي:
لئن قعدنا والنبي يعملُ ... فذاك منا العمل المضللُ
بعض الناس لا يحسب حساب للسانه، فتجده في المجالس لا يسكت، في كلام أحسن أحواله أنه مباح في البداية، ثم يسترسل فيدخل في المكروه، ثم لا يلبث أن يدخل في الحرام، من كان ديدنه الكلام ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) فكون الإنسان يتخذ هذا مهنة يتصدر المجالس بالقيل والقال، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن قيل وقال.