قد يبدأ في بداية الأمر مخلص لله -جل وعلا-، لاحظ مخالفات عند بعض الناس وقام يتكلم بين أيديهم، منبهاً على هذه المخالفات ثم يدخل عليه الشيطان، ويجعله يرائي الناس بكلامه، ويستحسن استحسانهم، ويؤثر فيه مدحهم، هذا يدخل عليه الشيطان، إن طرده فإنه لا يؤثر في قصده، وإن استرسل معه إلى النهاية فهذا على خطر من حبوط عمله، فعلى الإنسان أن يعنى بلسانه، وآفات اللسان كثيرة، وخطره عظيم، وشره مستطير، ((من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة)) شطر كلمة ما هي بكلمة كاملة، ما يقول اقتل، لو يقول:(اق) جاء الوعيد الشديد في بعض الروايات: ((لم يرح رائحة الجنة)) نسأل الله العافية، والكلام أثره على حسب ما يترتب عليه فيعظم جرمه بقدر الأثر المترتب عليه، وجاء تحريم بعض الآفات والتنصيص عليها كالكذب مثلاً الكذب شأنه عظيم، وخطره جسيم، قول الزور، شهادة الزور، هذه لها آثارها، والغيبة، النميمة، البهت، التشبع تشبع الإنسان بما لم يعطَ، يعني دعنا من كونه يضر الناس بلسانه، يكذب عليهم، ويشهد شهادة زور، يبهتهم يغتابهم يمشي بالنميمة بينهم، مجرد التشبع، تشبع الإنسان بما لم يعط، وإظهاره نفسه بغير حقيقته بأن يدعي دعاوى لا تضر الآخرين، وجاء فيه الحديث الصحيح المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور، والكذب شأنه عظيم، وأعظمه الكذب على الله ورسوله.
من صور الكذب بل من أشنع صور الكذب الكذب على الله بتحريم الحلال وتحليل الحرام {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(١١٦) سورة النحل] فإذا نظرنا إلى هذا الباب –أعني باب الفتوى بغير علم- دخل دخولاً أولياً في الكذب، وليستحضر من يجرؤ على مثل هذا قول الله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(٦٠) سورة الزمر] هذا الكذب على الله -جل وعلا- ثم الكذب على رسوله، وجاء فيه الحديث المتواتر:((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).