قالوا: هناك بدع مباحة، مثل التوسع في ألوان الطعام والشراب والمركوبات والملبوسات والمساكن وغيرها، قالوا: هذه مباحات، لكنها بدع؛ لأنها لا توجد على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذه ليست ببدع؛ لأن البدع خاص فيما يتعبد به، أما ما يزاوله الناس في أمورهم الحياتية العادية التي لا يتعبدون بها فالأصل فيها الإباحة، والله -جل وعلا- خلق لنا ما في الأرض جميعاً، فالأصل في مثل هذه الأمور الإباحة ولا يمكن أن يطلق عليها بدعة، القول بأن هناك بدع واجبة، أو بدع مستحبة لا شك أنه مصادمة لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وكل بدعةٍ ضلالة)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: كل البدع ضلالة ونحن نقول: بدع واجبة، هذا محادة لرسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فلا يقال: بمثل هذا القول، بل القول هذا ضعيف، وقد ردّه الشاطبي في الاعتصام، وقوّض دعائمه، وقال: إنه قول مخترع مبتدع، لا يدل عليه دليل من الكتاب ولا من السنة، فالتقسيم مبتدع داخل في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعةٍ ضلالة)) كيف يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعةٍ ضلالة)) ونحن نقول: هناك بدع مستحبة، بدع محمودة، بدع واجبة، أبداً، لا يمكن أن يتصور مثل هذا مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعةٍ ضلالة)) يتشبثون -أعني الذين يقسمون هذا التقسيم -بقول عمر -رضي الله تعالى عنه- في صلاة التراويح، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى صلاة التراويح بأصحابه ليلة، فاجتمع إليه فئام من الناس، ثم صلى بهم الثانية، وهم أكثر من العدد السابق، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة حتى غصّ بهم المسجد، فلم يخرج إليهم، خشية أن تفرض عليهم، وهذا من رأفته ورحمته -عليه الصلاة والسلام- بأمته، استمر الأمر على ذلك بقية عهده -عليه الصلاة والسلام-، وجميع خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر -رضي الله تعالى عنه-، ثم إن عمر -رضي الله تعالى عنه- لما أمن من فرضية صلاة التراويح بموته -عليه الصلاة والسلام- جمعهم على إمامٍ واحد، ثم خرج في ليلةٍ من الليالي وهم يصلون مجتمعين صافون متراصون كما تصف الملائكة، وهذا مما يحبه الله -جل وعلا- أعجبه هذا الوضع، فقال:"نعمت البدعة"