للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها سيئة، لكن معاقبة الجاني حسنة ليست بسيئة، وأطلق عليها سيئة من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، في لغة العرب جاء قولهم:

قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه

ج قلت اطبخوا لي جبةً وقميصا

والجبة والقميص إنما يخاطان، ولا يطبخان، لكن لما قيل له: اقترح شيئاً نجد لك طبخه؛ لأنهم توقعوا أنه جائع، فتبيّن أنه لفحه البرد، فيحتاج إلى تدفئة، فبدلاً من أن يأكل قال: اطبخوا لي جبةً وقميصاً، وهل يتصور أنه يريد أن الجبة والقميص توضع في القدر ويوقد عليها النيران لتطبخ؟! أبداً، إنما مراده خيطوا لي جبةً وقميصاً، وأطلق على الخياطة طبخاً من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، نقول: هذا الكلام لئلا يتذرع بمثل هذا الكلام من يتلبس بالبدع ويبرر لتلبسه بها بمثل كلام عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.

الكلام على ثبوت الحوض:

في عقيدة السفاريني المسماة (الدرة المضيئة في عقد الفرقة المرضية) يقول -رحمه الله تعالى- في النظم:

كذا الصراط ثم حوض المصطفى

فيا هنا لمن به نال الشفا

في الشرح الذي اسمه (لوامع الأنوار) كما في طبعته الثانية، أما في طبعته الأولى في مطبعة المنار القديمة سموه (لوائح الأنوار) في لوامع الأنوار والشرح لنفس الناظم، قال:

ثم اجزم بعد البعث والنشور وأخذ الصحف والمرور بثبوت حوض النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه حق ثابت بإجماع أهل الحق، قال الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [(١) سورة الكوثر].

يقول السيوطي في كتابه (البدور السافرة): ورد ذكر الحوض من رواية بضعةٍ وخمسين صحابياً، منهم الخلفاء الأربعة الراشدون، وحفاظ الصحابة المكثرون -رضوان الله عليهم أجمعين- ثم ذكر الأحاديث عنهم واحداً واحداً، فالحوض ثابت بالأحاديث المتواترة، ومعلوم أن منكر القطع عند أهل العلم يكفر -نسأل الله السلامة والعافية- لأن القطع مفيد للعلم، العلم الضروري الذي يجد الإنسان نفسه مضطراً إلى تصديقه.

ثم يقول السفاريني في عقيدته:

عنه يذاد المفتري كما ورد

ومن نحا سبل السلامة لم يرد