عنه: أي عن حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن الشرب منه يذاد، أي يطرد ويدفع المفتري، يذاد المفتري من الفرية وهي الكذب، فيقال: افترى افتراءً إذا كذب {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [(١٢) سورة الممتحنة] وفي الحديث: ((إن من أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا)) يعني يكذب في الرؤيا.
يقول السفاريني في شرحه: "الحاصل أن من الذين يذادون عن الحوض جنس المفترين على الله تعالى، وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- من المحدثين في الدين من الروافض والخوارج وسائر أصحاب الأهواء والبدع المضلة، وكذلك المسرفون من الظلمة المفرطون في الظلم والجور وطمس الحق، كذلك المتهتكون في ارتكاب المناهي، والمعلنون في اقتراف المعاصي، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أغفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إغفاءةً، ثم رفع رأسه متبسماً، فقال:((إنه أنزل عليّ آنفاً سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختمها، إلى آخر الحديث الذي أوردناه سابقاً، ثم قال: كما ورد ذلك في الأحاديث النبوية مما ذكرنا ومما لم نذكر، يقول: وقد أخرج البخاري ومسلم حديث ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- بلفظ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن إلي رجال منكم، إذا هويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) المقصود أن السبب في الذود وعدم الشرب من هذا الحوض هو الإحداث في الدين، والإحداث في الدين، كما يكون في الاعتقاد يكون في الأعمال، فمن ابتدع في الدين واخترع شيئاً أدخله وأدرجه في دين الله -جل وعلا- مما ليس منه لا شك أنه داخل في من يحدث فيذاد عن الحوض على ما تقدم.