للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحج ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وهو أيضاً مشترط فيه التقوى {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(٢٠٣) سورة البقرة] القيد لمن تعجل أو لمن تأخر؟ نعم للأمرين؛ لأن بعض الناس قد يفهم من الآية أنها مدح للتأخر؛ لاقتران التأخر بالتقوى نقول: لا، هذا قيد لمن تعجل، وهو أيضاً قيد لمن تأخر، ومعنى الآية كما قال ابن رجب وغيره، هو معنى قوله: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} يعني ارتفع عنه الإثم شريطة أن يكون قد اتقى، ومن تأخر فلا إثم عليه ارتفع عنه الإثم، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه شريطة أن يكون قد اتقى، وأما ترجيح وتفضيل التأخر على التعجل فيؤخذ من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أنه تأخر ما تعجل، وأما بالنسبة للآية فالتقوى قيد لمن تعجل ولمن تأخر، فلا بد من التقوى، لماذا؟ لتكون الآثار المرتبة والمترتبة على هذه الأعمال الصالحة محققة، هذه وعود من الله -جل وعلا- في كتابه، ما يقال: ينظر في أسانيدها هل هي صحيحة أو ضعيفة؟ لا، هذا ثابت بالدليل القطعي، بكلام الله -جل وعلا-، في الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(١٨٣) سورة البقرة] وفي الحج: {لِمَنِ اتَّقَى} [(٢٠٣) سورة البقرة] فلا بد من التقوى وبالتقوى تتم تزكية النفس، فالرابط بين التقوى والتزكية قول، فلا يمكن أن تتم تقوى من غير تزكية أو تزكية من غير تقوى، فهما متلازمان، بهذا ننتهي من المحاضرة، وإن كان الكلام في التزكية كثير جداً، وأهل العلم لاسيما ابن القيم وابن رجب أولوا هذا الموضوع عناية فائقة، ويمكن أن يطرق من وجوه عديدة، وبأساليب كثيرة، لكن هذا ما سمح به الوقت، والأسئلة كثيرة جداً، يمكن تحتاج إلى محاضرات، بل لقاءات، لكن نأتي منها بالشيء اليسير، ويرجع الباقي.

إذا قيل للشخص: إنه سلفي هل تعبير هذا تزكية؟ أو تعتبر هذه تزكية؟ أرجو توضيح هذه المسألة؟