للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أولى من إصلاح الغير، والله المستعان.

ذكرنا أن من أعظم وسائل تحصيل التزكية للنفس الإيمان الخالص لله -جل وعلا-، والتوحيد المحقق المخلص عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي، ثم بعد ذلك ذكرنا الصلاة، وما يترتب عليها من تزكية النفس، والنهي عن الفحشاء والمنكر، والزكاة أيضاً التي نص فيها على التزكية، واسمها مأخوذ منها زكاة المال، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [(١٠٣) سورة التوبة]، وكذلك الصيام الذي غايته التقوى، تحقيق التقوى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(١٨٣) سورة البقرة] فإذا كانت الزكاة تزكي الإنسان في نفسه وعمله وماله، فإن الصيام محقق للتقوى، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} والتقوى فعل الأوامر، واجتناب النواهي، ويرد هنا السؤال الذي ورد بالنسبة للصلاة، يصلي الإنسان ولا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر، وقلنا: إن الصلاة هذه فيها خلل، والصيام الذي لا يورث التقوى لا شك أن فيه خللاً، لم يكن على مراد الله ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- من الصيام وإلا فالوعد ممن لا يخلف الميعاد، بل أهل العلم يقولون: لعل من الله واجبة، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالصيام مورث للتقوى بلا محالة، لكن أي صيام يورث التقوى؟ ينهى صاحبه عن ارتكاب المحظور وترك المأمور؟ الصيام الذي حفظ عما يخدشه، ((الصوم جنة)) في رواية: ((ما لم يخدشها)) فالذي لا يحفظ صيامه عن قول الزور، فإن هذا الصيام لا شك أنه لا تترتب عليه آثاره، وكذلك مثل قول الزور ارتكاب المحرمات أثناء الصيام، فمثل هذا الصيام لا يورث التقوى، ومع ذلك لا يؤمر بإعادته، الصوم صحيح عند أهل العلم مسقط للطلب، لكن الآثار المترتبة عليه لا توجد، ويعاقب على ما أرتكبه حال صيامه من محرم أعظم مما يعاقب عليه حال فطره.