ويطلق على العذاب، كقوله -جل وعلا-: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [(١٤) سورة الذاريات]، وعلى ما يحصل عند العذاب، كقوله -جل وعلا-: {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} [(٤٩) سورة التوبة]، وعلى الاختبار، كقوله:{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [(٤٠) سورة طه]، وفيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وفي الشدة أظهر معنىً وأكثر استعمالاً، قال -جل وعلا-: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [(٣٥) سورة الأنبياء]، ومنه قوله:{وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} [(٧٣) سورة الإسراء]، أي يوقعونك ببلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحي إليك.
وقال أيضاً -الراغب-: الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله -جل وعلا- ومن العبد كالبلية والمصيبة، والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات.
فالإنسان قد يكون بنفسه موجداً للفتنة يفتتن بها ويفتن بها غيره، كما أنها تكون من الله -جل وعلا- فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة، فقد ذم الله -جل وعلا- الإنسان بإيقاع الفتنة كما في قوله -جل وعلا-: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [(١٩١) سورة البقرة]، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [(١٠) سورة البروج]، وقوله:{مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [(١٦٢) سورة الصافات]، وقوله:{بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [(٦) سورة القلم]، وكقوله:{وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ} [(٤٩) سورة المائدة].
وقال غيره: أصل الفتنة الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى مكروه، ثم أطلقت على كل مكروه، أو آيلٍ إليه كالكفر والإثم والتحريض والفضيحة والفجور وغير ذلك.
الفتنة لا شك أنها تطلق على أمور متفاوتة، فمنها الشرك الذي هو في الحقيقة أعظم من القتل وأشد من القتل، إلى أن تصل إلى فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث المتفق عليه قال في الخميصة:((كادت أن تفتنني عن صلاتي)) والمراد بالفتنة هنا: الانشغال بها، وكذلك الفتنة في المال والولد الانشغال بهم عما هو أهم، كل هذا فتنة.