قد يقول قائل: الله -جل وعلا- يقول:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام]، ويقول -جل وعلا-: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [(٣٨) سورة المدثر]، ويقول -جل وعلا-: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [(٢٨٦) سورة البقرة]، وهذا يوجب أن لا يؤخذ أحد بذنب أحد، وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام]، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [(٣٨) سورة المدثر]، يعني لا بما كسب غيره، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [(٢٨٦) سورة البقرة]، يقول هذا القائل: هذا يوجب أن لا يؤخذ أحد بذنب أحد، وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب.
فالجواب: أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره، فإذا سكتوا عليه فكلهم عاصٍ، هذا بفعله وهذا برضاه, وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة العامل، فانتظم في العقوبة, قاله ابن العربي.
الحكم واحد هذا بفعله وهذا برضاه، هذا باقترافه وبما كسبت يده وبوزره الذي ارتكبه، وهذا بتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أيضاً منكر.
يقول الله -جل وعلا-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(٦٣) سورة النور]، قال ابن عباس:"الفتنة هنا: القتل" وقال عطاء: "الزلازل والأهوال" وقال جعفر بن محمد: "سلطان جائر يسلط عليهم" وقيل: "الطبع على القلوب بشؤم مخالفة الرسول -عليه الصلاة والسلام-".