وكلها داخلة في مدلول الآية، قد يقتل من يقتل، ويصاب بالزلازل والأهوال من يصاب، وقد تكون هذه المعاصي وهذه المخالفات لله ولرسوله سببٌ في تولي سلطان جائر عليهم يسلط عليهم يسومهم سوء العذاب، وشواهد الأحوال لا تحتاج إلى تسميات، يعني انظر في الواقع اليوم تجد هذه الأمور موجودة. وقيل: "الطبع على القلوب بشؤم مخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا أشد، الطبع على القلوب، بعض الناس يرى أنه من أفضل الناس، وأنه على الجادة، وهو لا يدري أنه مطبوعٌ على قلبه، نسأل الله السلامة والعافية. وبعضهم يرى أنه على الصراط وهو ممسوخ وهو لا يشعر، قد باع دينه وهو لا يعلم، نسأل الله السلامة والعافية. وأهل العلم يقررون أن مسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان.
ابن القيم في إغاثة اللهفان ذكر أنه في آخر الزمان يمشي الاثنان إلى المعصية، هما في طريقهما إلى معصية فيمسخ أحدهما خنزيراً وينظر إليه صاحبه مع ذلك ما النتيجة؟ يرجع ويقول: الحمد لله على السلامة، يرجع إلى بيته ويتوب، لا، يمضي إلى معصيته، هذا مسخ بدن وهذا مسخ قلب، نسأل الله السلامة والعافية.
إذا عرفنا السبب في وجود هذه الفتن وهي المخالفة لأوامر الله وأوامر رسوله -عليه الصلاة والسلام- وسكوت الناس عن إنكار هذه المخالفات، وعدم مدافعتهم لهذه المنكرات، ولا شك أن ما يصيب الناس فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير، {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [(٤١) سورة الروم]، فالفساد كله بسبب المعاصي.
إذا عرفنا سبب الفتنة وهي مخالفة أمر الله -عز وجل- وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام- والتواطؤ على ذلك، التواطؤ على ترك إنكار المنكر على ما تقدم، فشو المنكرات بغير نكير، هذا هو سبب لعن بني إسرائيل، أعني تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال -جل وعلا-: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا .... } [(٧٨) سورة المائدة]، إلى أن قال:{كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [(٧٩) سورة المائدة].