وفي حديث زينب في الصحيح في البخاري يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا ... )) إلى أن قالت: أنهلِك وفينا الصالحون؟ قال:((نعم إذا كثر الخبث)) الذي ينظر إلى البقاع بما فيها من بلاد المسلمين كثر فيها الخبث، كثر فيها الخبث، يعني لا ينكر أن هناك علماء ودعاة وقضاة وفضلاء يوجد الحمد لله الخير في أمة محمد إلى قيام الساعة، لكن لا ننكر أيضاً أن الخبث كثر، وأن السنن الإلهية لا تتغير ولا تتبدل.
نعود إلى الحديث الذي عنوان الدرس قطعة منه.
هذا الحديث كما ذكرنا مخرج في صحيح الإمام مسلم، ومسند الإمام أحمد، وجامع الإمام الترمذي، فما معناه؟
معنى ((بادروا)): أي سابقوا وسارعوا، وجاء الأمر بالمسابقة والمسارعة في كتاب الله -جل وعلا-، {سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}[سورة آل عمران: ١٣٣]، سابقوا المقصود أن هذا الأمر جاء في نصوص الكتاب والسنة، والمبادرة المفاعلة، والمسابقة كذلك، والمسارعة، فتفيد أن الإنسان يسعى لسبق غيره في هذا الشأن؛ لأن صيغة المفاعلة عند أهل العلم تقتضي أكثر من طرف، يحرص الإنسان أن يسبق غيره، ولا يعني هذا أنه إذا سبق من قبل أحد أشد، من قبل أحد هو أشد حرصاً منه، أنه يكون في نفسه عليه شيء، أو يتمنى أن لا يسبق، عليه أن يحرص على هذه المبادرة، وعلى هذا السبق، وأن يتمنى للناس كلهم أن يكونوا على هذا المستوى؛ لأن بعض الناس يستشكل، يستشكل هذا الأمر، المسابقة، والمسارعة، والمبادرة، يعني والمنافسة، مع أنه جاء النهي عن المنافسة، المنافسة في أمور الدنيا، أما المنافسة في أمور الآخرة فهي مطلوبة من المسارعة والمسابقة، لكن كون الصيغة تقتضي أكثر من طرف قد يََفهم منها بعض الناس أنه يسعى لتحقيق المبادرة والمسارعة والمسابقة، ومن لازمه أن يتمنى أن لا يُسبق، من لازم ذلك أن يتمنى ألا يسبق، فإذا سبق من لازم ذلك أن يكون في نفسه شيء على هذا السابق، لا، لا يلزم ذلك، بل تتمنى للمسلمين وتحب لهم ما تحب لنفسك، لكن مع ذلك تسعى في إصلاح نفسك قبل غيرك، ثم بعد ذلك تسعى إلى إصلاح غيرك الأقرب فالأقرب.