الأنبياء: ٣٥]، يعني هذه صادرة من الله -جل وعلا-، وفي قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ}[سورة البروج: ١٠]، هذه صادرة من مخلوق، والله -جل وعلا- يقدر هذه الفتن وتكون على يد مخلوق، يكون تحقيق هذه الفتن على يد مخلوق، فيجتمعان في فتنة واحدة، الله -جل وعلا- يقدرها على من أراده من أراد أن يفتنه ثم يجريها على يد أحد من خلقه، وكونها تقدر كوناً لا يعني أنها تطلب شرعاً، يعني هذا الذي حصلت على يده هذه الفتنة يذم وإلا ما يذم؟ يذم بلا شك، يعني هذا الإنسان ارتكب معصية واستحق عقوبة على هذه المعصية، أجرى الله -جل وعلا- هذه العقوبة على يد مخلوق، هل يقال: إن هذا ارتكب معصية ولا في إشكال يصاب أو ما يصاب، والثاني قدر الله له أن يفعل كذا وهو بريء من هذه المعصية، لا، كل له ما يخصه من خطاب الشرع، هذا الإنسان ارتكب معصية، يتحمل، {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[سورة الشورى: ٣٠] هذا الذي حصل الانتقام بسببه مذموم؛ لأنه لم يؤذن له شرعاً لم يفعل، ينتقم من هذا الشخص، نعم من وكل إليه أمر الحدود وارتكب إنسان حداً من حدود الله، فأقامه عليه ولي الأمر أو من ينيبه، ولي الأمر محمود، بل لو عطله لصار مذموماً، لكن الكلام في عادي الناس يروح يبتلي إنسان في نفسه أو ماله أو بدنه، إذا قيل له، قال: يا أخي هذا مذنب {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ما هو بأنت اللي تحاسبه وتعاقبه، ولذا يقول: الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله تعالى، ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله تعالى فهي على وجه الحكمة؛ لأنه قد يقول قائل: الله -جل وعلا- يقول:{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}[سورة طه: ٤٠]، {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[سورة الأنبياء: ٣٥]، الفتنة مذمومة، والفتن تساق في كتب أهل العلم على أنها مذمومة، وفي النصوص مذمومة، كيف يَفتن الناس ثم يذمهم عليها، كما أنه قدر على هذا أن يطيع، وقدر على هذا أن يعصي، وركب فيه حرية الاختيار، يعني ما في إجبار، ما في إجبار، الشخص الذي يجلس في بيته، ويسمع الأذان، ويسمع الإقامة، ويسمع الإمام في المكبر يقرأ ويصلي