يقول قائل مثلاً: أبتلينا بكثرة هذه الفتن، ابتلينا بالمعارضين، ابتلينا بالمخالفين، ابتلينا بمن يتكلم في الأخيار، لماذا؟ لتعظم الأجور، وتعظم الأوزار، أنت وجدت في هذا الزمن ليعظم أجرك إذا عملت، وإذا خالفت يعظم ذنبك، هناك فتن لكنها غير مؤثرة تأثير الفتن العامة التي يصبح فيها الرجل مؤمن ويمسي كافر، فتنة الرجل في أهله وماله جاء في الحديث أنها تكفرها الصلاة والصيام، إذا افتتن، يغش معنى يفتتن؟ ينشغل بهم، مثل هذه الفتنة تكفرها الصلاة والصيام لكن الإشكال في الفتن العظيمة، التي تموج وتترك الناس حيرى، هذه هي الفتن التي على المسلم أن يسعى في درءها ورفعها ويأخذ بكافة الاحتياطات ألا يقع فيها، ولا تقوم الساعة كما في الحديث الصحيح حتى يغبط أهل القبور، هذه في أوقات الفتن المدلهمة التي لا يستطيع الإنسان فيها أن يخرج منها سالماً، هذا يتمنى، ولذلك أجازوا تمني الموت في زمن الفتن، جاء النهي عن تمني الموت، النهي عن تمني الموت:((لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به)) لكن جاء أنه في آخر الزمان يأتي إلى صاحب القبر ويقول: يا ليتني مكانك، ((ولا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور)) لماذا؟ لأن الضرر محقق بالبقاء، فالإنسان يخشى على دينه فالموت وزوال الدنيا أسهل بكثير من أن يعرض الدين للخطر، فإذا وصل الحد إلى هذا الأمر جاز للإنسان أن يتمنى خشيةً على دينه في أوقات الفتن التي قد لا يتميز فيها الحق فيتبع، أو لا يوفق الإنسان، أو يحال دونه ودون اتباع الحق، فمثل هذا لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور، ويتمنى الإنسان الموت وتمناه بعض الصحابة لما حصل بعض الفتن، وما زال الأخيار إذا حصل ما حصل وهذا مستثنى من النهي عن تمني الموت؛ لأن النهي عن تمني الموت بسبب ضر أصابه في دنياه، يعني خسر خسارة كارثة فادحة، أو صار عليه حادث، أو انكسر، أو كذا يتمنى الموت؟ هذا لا يجوز له أن يتمنى الموت، لكن إذا كان لا يعرف هل بقاءه مصلحة أو لا؟ يقول: اللهم أحيني ما كانت الحياة خير لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.