بعض الناس يترك كثير من الأمور لأن هواه ورغبته لا تقبل مثل هذا الأمور، يترك التدخل في أمور الآخرين لبعدهم عنه مثلاً، هو لا يستطيع أن يكلف نفسه أن يذهب إلى فلان أو علان، تركه لا تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا بحكم الشرع وإنما لهوى النفس، فإذا حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأفعال، فإن الإسلام يقتضي فعل الواجبات كما في حديث جبريل، ويدخل فيه ترك المحرمات كما في حديث أبي موسى في الصحيحين وغيرهما عن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل: أي المسلمين أفضل؟ قال:((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) حديث جبريل في الأفعال، فسر الإسلام بالأفعال، وهذا الحديث يدل على أن ترك المحرمات من الإسلام، أي المسلمين أفضل؟ قال:((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) يعني ترك ما يضر بالآخرين، وسلم الناس منه، وهذا في باب الترك.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((المسلم أخو المسلم، فلا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) وهذا في انتهاك المحرمات.
إذا حسن إسلام المرء بفعل الواجبات وترك المحرمات اقتضى ترك كل ما لا يعنيه، كل ما لا يعنيه اقتضى تركه، إذا حسن إسلامه بفعل الواجبات اقتضى حسن إسلامه ووفق لترك كل ما لا يعنيه من المحرمات مرة أخرى والمشتبهات والمكروهات ومن المباحات التي لا يحتاج إليها، قد يقول قائل: المباحات لماذا تترك؟ الإكثار من المباحات وتمرين النفس عليها، وتعويد النفس عليها لا شك أنها تكون وصف ملازم لهذه النفس، بحيث لو طلبها فلم يجدها من بابها، من أبوابها المباحة لا شك أن النفس تستدعيه إلى أن يطلبها من الوجوه التي فيها شيء من الكراهة، إذا لم يجد في الأبواب التي فيها الكراهة وتساهل في أمور الشبهات ثم بعد ذلك قاده ذلك وجره إلى ارتكاب المحرمات، ولهذا كان السلف يتركون كثير من المباحات خشية أن يقعوا أو يجرهم الاسترسال في هذه المباحات إلى انتهاك المحرمات؛ لأن النفس راغبة إذا رغبتها، إذا رغبتها راغبة، لكن إذا ترد إلى قليل تقنعُ.