النفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضا وإن تفطمه ينفطم النفس لا شك أنها تحتاج إلى الوقوف إلى أن تؤطر وتقصر ما لا يمكن تجاوزه، فإذا ترك المحرمات والمشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها فإن هذا كله -مما ذكر- لا يعني المسلم، المحرمات لا تعنيه، المكروهات لا تعنيه ليس بحاجة إليها، إذا ترك فضول المباحات لم يحتج إلى المكروهات، وإذا ترك المكروهات ففراره عن المحرمات من باب أولى، والمسألة توفيق من الله -جل وعلا-، وبذل من الإنسان وسعي من الإنسان، الإنسان إذا فطم نفسه عن بعض المباحات التي لا يحتاج إليها لا شك أنه سوف يوفق إلى ترك المكروهات فضلاً عن المحرمات.
إذا كمل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان، كمل إحسانه وتم إيمانه وبلغ إلى درجة الإحسان، وهو أن يعبد الله -جل وعلا- كأنه يراه، نعم من الذي دعاه إلى ترك هذه المباحات؟ وما الذي حمله على ترك المكروهات والمحرمات؟ مراقبته لله -جل وعلا-، هذه المراقبة بعد أن راقب الله -جل وعلا- في ترك المباحات، ترك فضول المباحات، لا. . . . . . . . . مباحات، لأن الله أحل الطيبات، ترك الفضول من المباحات والمكروهات والمحرمات الذي دعاه إلى ذلك المراقبة لله -جل وعلا-، هذه المراقبة إذا تولدت عند الإنسان هي درجة الإحسان، وهذه الدرجة أن يعبد الله -جل وعلا- كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه، فمن عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه وإطلاعه عليه فقد حسن إسلامه، يعني الأكمل أن تعبد الله -جل وعلا- كأنك تراه، فاستحضر هذا، إن لم تستحضر هذا والمسألة يعني عون من الله -جل وعلا- استحضر أن الله -جل وعلا- مطلع عليك، وحاسب نفسك وراقب ربك في أي عمل تريده، فمن عبد الله على استحضار قربه منه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه وإطلاعه عليه فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في إسلام وليشتغل بما يعنيه فيه.