ويمكن أن أبرر القبول -بعد الإعلان- بصنيع ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى-: المنهج الذي يسير عليه المقربون من استيقاظهم إلى نومهم، ذكر خطة عمل يسيرون عليها، ماذا يصنعون إذا انتبهوا من النوم قبل الصبح؟ ثم بعد ذلك ما صنيعهم إذا دخلوا المسجد لأداء صلاة الصبح، ثم بعد ذلك جلوسهم حتى ترتفع الشمس، ثم بعد ذلك انصرافهم إلى أعمالٍ أخرى من أعمال الآخرة، وليس من أعمال الدنيا، ثم يأتون لصلاة الظهر، والصلاة شغلهم الشاغل، فمنهم من يقضي ما بين الصلاتين بالعبادة من ذكر وتلاوة وصلاة، ومنهم من يقضيه في العلم والتعليم، ثم بعد صلاة العصر لهم برنامج ذكره ابن القيم في كتابه، فليرجع إليه، ثم بعد المغرب كذلك، ثم بعد صلاة العشاء، يأتي وقت الوظيفة، وإذا أووا إلى فرشهم كما قال ابن القيم: ذكروا أذكار النوم، وهي كما قال: تقرب من الأربعين، ومن منا يستحضر أربعة فضلاً عن أربعين، ابن القيم لما ذكر هذا البرنامج الذي يسير عليه المقربون، أقسم بالله لئلا يُظن أنه يتحدث عن نفسه، والمظنون به أنه يتحدث عن نفسه، هذا الذي يغلب على الظن، ومع ذلك يقسم ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنه ما شمَّ لهم رائحة، هذا ابن القيم هو يرسم هذا المنهج للمقربين، فضلاً عن غيرهم من الأبرار، وأصحاب اليمين.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- وهذه زيادة في الإيضاح والفائدة- ذكر أنهم إذا جلسوا بعد صلاة الصبح يذكرون الله تعالى حتى ترتفع الشمس، يقول: منهم من يصلي، ومنهم من ينصرف دون صلاة، لكن لما ذكر حال الأبرار، قال: إنهم لا ينصرفون إلا بعد الصلاة، يعني صلاة الضحى؛ لأن المقربين ينصرفون من عبادة إلى عبادة، ولن ينسوا صلاة الضحى؛ لأن وقتها الفاضل لم يأتِ بعد، المذكور في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال)).
وأما بالنسبة للأبرار فإنهم لا ينصرفون إلا بصلاة؛ لأنهم ينصرفون بعد ذلك إلى أعمالهم في أمور الدنيا، ويخشى أن ينسوا صلاة الضحى.