والظاهر من كلام ابن القيم أنه لا يصحح الحديث الوارد في ذلك، أن من جلس ينتظر طلوع الشمس وصلى الصبح بجماعة، وجلس بمصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، انقلب بأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة.
كأنه لا يصحح هذا الخبر، وإلا لو صح عنده لما انصرف أحد لا من المقربين ولا من الأبرار إلا بعد هذه الصلاة، والحديث بطرقه يقوي القول بتحسينه، وإن صححه بعضهم، لكن الكلام لأهل العلم فيه ظاهر، يقوى القول بتحسينه، إذا عرفنا هذا ابن القيم رسم الخطة، ويغلب على الظن لما عرف عنه من عبادات متنوعة، بعضها إذا سمعه القارئ يظنه ضربٌ من الخيال، أو أساطير، مع هذه العبادات المتنوعة يقسم بالله أنه ما شمَّ لهم رائحة.
فماذا نقول إذا كان هذا ابن القيم يقسم بالله أنه ما شم لهم رائحة؟ ونحن نذكر في هذه المحاضرة شيء من عبادات العلماء، وهم من المقربين، فماذا نقول؟
وأعتذر عما قاله الأخ الذي قدم، وذكر ما ذكر مما يخالف الواقع، وليس من عادتي أن أقاطع أحد في كلامه، وإلا لا شك أنه جاوز في الوصف، فأسأل الله -جل وعلا- أن يعفو عني وعنه وعنكم.
إذا عرفنا هذا فعنوان المحاضرة:"إشراقات" هذا لمن عرف حقيقة الأمر، وإلا فكثيرٌ من الناس يظن أن العبادة والإكثار منها، يعني في عرف عامة الناس ومن في أحكامهم ظلمات، لماذا؟ لأنه يحبس نفسه في مكانٍ ضيق ينزوي به عن الناس، فهو في ضيق، وهذا لم يجرب ما جرب القوم، ولو جرب عرف حقيقة الأمر، وأنها هي السعادة وهي النعيم، وهي جنة الدنيا، التي تحدث عنها شيخ الإسلام وابن القيم، وكثيرٌ من أهل العلم.
عبادات العلماء:
بعد هذه المقدمة أقول: عبادات العلماء:
العلماء الذين يستحقون أن يوصفوا بهذا الوصف هم أهل العلم والعمل، ولا يستحق الوصف بالعالم إلا من عمل، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} ثم قال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(٩) سورة الزمر] فدل على أن أهل العلم المستحقين لهذا الوصف هم أهل العمل، فالذين لا يعملون بالعلم ليسوا من أهل العلم.