لا شك أن عامة الناس يُحسنون الظن بأهل العبادة، وما حصلت الفجوة التي نعيشها بين العلماء والعامة؛ وما حصل من وقوع الناس في أعراض أهل العلم إلا بسبب تقصيرهم في العمل، عامي يحضر إلى المسجد مع الأذان فإذا التفت بعد الصلاة إذا شخص من أهل العلم يقضي بعض الصلاة، هذا نفسه لا توافقه على سؤاله، وإن كان بعضهم يقول: خذ من علمه، ولا تأخذ من عمله، هذا الكلام ليس بصحيح.
وفي صحيح مسلم: جاء شخص من العراق إلى ابن عمر، يريد أن يسأله عما مسألة في المناسك، فقال: عليك بابن عباس، ابن عباس علم وعمل، لكن في مجال العمل لا شك ابن عمر معدود من العباد، وسيأتي شيء من طريقته وعمله، قال: عليك بابن عباس، شهادة حق وإنصاف، فقال: ذلك رجل مالت به الدنيا ومال بها، يعني أنه ليس في زهده مثل ابن عمر، ولا يظن به أنه يزاول المنكرات، أو يأكل مشتبهات، أبداً، حَبر الأمة وترجمان القرآن، لكن عامة الناس ثقتهم بالعامل، فإذا رأوا من أهل العلم من يظهر عمله عليه على جوارحه وفي سرته وعلانيته يقتدون به.
قال -رحمه الله- بعد ذلك:"وهل أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد، والعمل الصالح، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا".
يعني كل شيء له ضريبة، توسعت في أمر الدنيا يكون على حساب الآخرة؛ لأنها ضرة، ومع ذلك {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(٧٧) سورة القصص] لكن كم ممن يقال له هذا الكلام في وقتنا هذا؟ الناس بحاجة حتى من أهل العلم مع الأسف ومن طلابه أن يقال له: لا تنس نصيبك من الآخرة؛ لأنه وجد بعد انفتاح الدنيا، شاهدنا وسمعنا أشياء حتى من بعض من ينتسب إلى العلم شيء لا يخطر على البال، من الانصراف، وإن لم يكن من ذلك إلا انصراف القلب.
يعني إذا حدث، قصة حصلت هذه الأيام أن مجموعة صلوا صلاة الظهر وجهر الإمام وأمنوا، هؤلاء ماذا بقي للآخرة في قلوبهم؟! وسمع من يقول -وهو ساجد-: آمين، لا شك أن هذا سببه الانصراف عن الآخرة، والإقبال على الدنيا؛ لأن القلب ما يحتمل كل هذه الأمور إلا ممن وفقه الله -جل وعلا-.