الاجتهاد في التعبد حسب الطاقة ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد قام -عليه الصلاة والسلام- في الليل حتى تفطرت قدماه، وصلى بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران بركعة واحدة، فماذا عن بقية الصلاة؟ ماذا عن الركوع والسجود؟ فإطالة الصلاة مطلوبة؛ لأنها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكثرة الركعات أيضاً مطلوبة؛ لأنه ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- الإطلاق ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أجاب من سأله مرافقته في الجنة فقال:((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وهذا يتطلب إكثار من الركعات، فالتطويل ثبت بفعله -عليه الصلاة والسلام-، والإكثار ثبت بقوله وحثه -صلى الله عليه وسلم-.
ثم يأتي من يأتي ويقول: أن الإكثار من التعبد بدعة، ما عرف عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قام ليلة كاملة، وهذا عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، مع أنه -عليه الصلاة والسلام- إذا دخلت العشر شد المئزر وأحيا الليل، فهذا وارد على هذا الحديث، فإذا دخل التخصيص بمثل هذا النص، عموم خبر عائشة أضعفه، هذا مقرر عند أهل العلم, وما دام ثبت أنه أحيا الليالي العشر، عشر رمضان، يدل على أن إحياء الليل ليس ببدعة، وقد عرف عن سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين فمن دونهم ممن يأتي ذكره في الأمثلة -إن شاء الله تعالى- هذا بالنسبة للصلاة.
الصيام ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه يصوم حتى يقال: لا يفطر، وثبت عنه أنه كان يفطر حتى يقال: أنه لا يصوم، وكان يصوم من الأشهر الحرم، يصوم في المحرم، ويصوم من شعبان أكثره، فلا يقال: أن مثل هذا العلم بدعة، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفضل الصلاة صلاة داود، وأفضل الصيام صيام داود، ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه)) بالنسبة للصيام يصوم يوماً ويفطر يوماً، ثم يأتي من يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- نجزم أنه ما صلى يوم وأفطر يوم؛ لأنه ثبت أنه كان يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم.
من كان وضعه في احتياج الناس إليه مثل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- يفاضل بين هذه العبادات، وأهل العلم يقررون أن العبادات المتعدية النفع مقدمة على العبادات الخاصة.