في مسلم عن عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يصوم العشر، وثبت من حديث بعض أزواجه أنه كان يصوم العشر، فعائشة تذكر من حاله الغالب أنه كان لا يصوم العشر؛ لأنه مشغول بحاجات الناس. وأيضاً ثبت في الحديث الصحيح:((ما من أيام العمل الصالح فيهن خيرٌ وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) ثم بعد ذلك ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) فإذا ضممنا هذا الحديث إلى هذا الحديث، قلنا بمشروعية صيام العشر، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لا يصوم العشر أحياناً مثل ما قال:((عمرةٌ في رمضان تعدل حجة)) ومع ذلك ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه اعتمر في رمضان، هل نقول: أن العمرة في رمضان ليست مشروعة؟ يكفينا قوله -عليه الصلاة والسلام-.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد يترك العمل رأفة بأمته، خشية أن يفرض عليهم، لو تظافر قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) مع فعله، ماذا يكون الواقع؟ الآن الناس يموتون، يعتمر في رمضان أكثر من ملونين شخص، يجتمعون في ليلة واحدة، لو تظافر فعله مع قوله كيف يكون العمل؟ لكن من الناس من يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما اعتمر في رمضان، والحمد لله لنا أعمال بدائل، نقول: يكفينا ما ثبت من قوله -عليه الصلاة والسلام-.
لكن إذا عمل عملاً وندم عليه ولم يحثنا عليه، اقتدينا به في مثله، فلا نكلف أنفسنا في مثل هذا العمل، كدخول الكعبة مثلاً، ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حثنا على دخولها، لكنه دخلها، ومع ذلك ندم على ذلك؛ لئلا يشق على أمته.
فانظروا لما لم يتظافر القول مع العمل صار الأمر أقل، ولو تظافر القول مع العمل في عمرة رمضان لوجدنا الزحمة التي لا تطاق، فبعض الناس يتشبث بكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يعتمر في رمضان، ويتسلى بذلك.