وقد ترجم الإمام البخاري وغيره -رحمة الله على الجميع- (باب السمر في العلم) وذكروا أمثلة من ذلك. وقال -رضي الله تعالى عنه - يعني عمر- لمعاوية بن خديج:"لأن نمت بالنهار لأضيعن الرعية، ولئن نمت بالليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟! ".
الإشكال أن هذه الحقائق قد تخفى على بعض طلاب العلم كيف؟ يأتي طالب علم دافعه الحرص على التعلم إلى شيخ، فيجده في المسجد يقرأ القرآن بعد الصلاة، ثم يقول له: أنا أريد أن أقرأ عليك الكتاب الفلاني، فيقول: يا أخي أنا مشغول، ما أستطيع، ثم يذهب يتحدث في المجالس، الشيخ يقول: أنا مشغول، وهو جالس يقرأ قرآن، خلل في التصور يا أخي، إذا نسي نفسه كيف ينفع الناس؟! لا بد أن يتخذ ويقتطع من عمره ومن جهده ما يعينه على نفع الناس، فهذا عمر -رضي الله تعالى عنه- يقول:"لئن نمت بالليل لأضيعن نفسي، فيكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟! ".
ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه كان يقرأ القرآن في ركعة، وأقل ما يتصور في الختمة الواحدة ست ساعات، أقل ما يتصور في الختمة كاملة ست ساعات، ومع ذلكم عرف من حالهم -أعني سلف هذه الأمة- أنهم إذا قرؤوا تأثروا، فإذا تأثروا بالليل يعادون بالنهار.
أقول: عرف من سلف هذه الأمة عن أكثر من واحد منهم أنهم إذا قرؤوا تأثروا، فإذا تأثروا يعادون من الغد، يعادون، يزارون، مرضى، ونحن نسمع من يبكي في قراءة القرآن، وهو موجود -ولله الحمد- في هذه الأمة، لكن ما الأثر بعد هذه القراءة؟ تجده يبكي في أول الآية، ثم في آخرها الصوت لم يعتدل بعد، ثم في الآية التي تليها كأنه الآن دخل في الصلاة، فأين التأثر؟!.
القلوب غطاها الران وغطتها المكاسب، وغطاها التخليط في المآكل، الشبهات لم يتورع عنها كثير من طلاب العلم فضلاً عن المباحات التي كان سلف هذه الأمة يتورعون عنها ويتركونها خشية أن تجرهم إلى الحرام.
ذُكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، لكن شيخ الإسلام بن تيمية في منهاج السنة يقول: الوقت لا يستوعب.