وعن ابن مهدي قال: كنت لا أستطيع سماع قراءة الثوري من كثرة بكاءه، وقال ابن مهدي: ما عاشرت في الناس رجلاً آسف من الثوري. وقال الفريابي: كان سفيان يصلي ثم يلتفت إلى الشباب فيقول: إذا لم تصلوا اليوم فمتى؟. وقال الأوزاعي -رحمه الله-: من أطال قيام الليل هون الله عليه وقوف يوم القيامة. وقال الوليد بن مسلم: ما رأيت أكثر اجتهاداً في العبادة من الأوزاعي. وقال أبو مسهر عنه: كان يحيي الليل صلاة وقرآناً وبكاءً. قال حدثني بعض إخواني من أهل بيروت أن أمه كانت تدخل -يعني أم هذا الأخ- كانت تدخل منزل الأوزاعي، وتتفقد موضع الصلاة، صلاة الإمام الأوزاعي، فتجده رطباً من دموع في الليل. ودخلت امرأة لها صلة بزوج الأوزاعي فنظرت فوجدت بللاً في مسجده في موضع سجوده، فقالت لها: ثكلتك أمك، أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ، فقالت لها: ويحك، هذا يصبح كل ليلة من أثر دموع الشيخ في سجوده.
وعن عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة أنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً. قال الحافظ الذهبي: كانت أوقاته -يعني حماد بن سلمة- معمورة بالتعبد والأوراد. وقال موسى بن إسماعيل: لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكاً، لصدقت، كان مشغولاً إما أن يحدث أو يقرأ أو يسبح أو يصلي، قد قسم النهار على ذلك. مات حماد بن سلمة في الصلاة في المسجد.