للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن لا شك أن التبسم حصل منه -عليه الصلاة والسلام-، وحصل -وهو نادر- أن ضحك -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت نواجذه، لا شك أن هذا من شدة التحري؛ لأن بعض الناس لا يستطيع أن يوازن في مثل هذه المضايق؛ لأن بعض الناس لو ضحك استمر، وبعض الناس لو غفل ذهل، فهو يحزم نفسه على هذا لئلا يسترسل، بعض المضايق لا يستطيعها كثيرٌ من الناس، فمثلاً: مزاولة الأسباب مع قوة التوكل، هذا صعب جداً، يعني يذهب الإنسان إلى الطبيب، ثم بعد ذلك يحصل من التوكل على مثل ما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- بعيد، فإما أن يحسم المادة ويترك التطبب، أو يحصل في قلبه ما يحصل، بعض الناس لا يستوعب، كيف يموت أعز الناس عليه ولا يجد في نفسه شيء؟! كيف تدمع عيونه ويبكي ويحزن، ومع ذلك لا يحصل في نفسه شيء من الاعتراض على القدر؟ كما كان من حاله -عليه الصلاة والسلام-؟. تضيق الأنظار في مثل هذه المواقف، حتى إن بعضهم لما مات ولده ضحك، ما استطاع أن يستوعب، فهذا حماد ما رؤي ضاحكاً، والله المستعان.

وقال يحيى بن أيوب: حدثني بعض أصحاب وكيع الذين كانوا يلزمونه أن وكيعاً كان لا ينام حتى يقرأ جزأه من كل ليلة ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصل ثم يجلس، فيأخذ بالاستغفار حتى يطلع الفجر. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي -رحمه الله- يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض بسبب الجلد، حينما ثبت في المحنة كان يصلي كل يومٍ وليلة مائة وخمسين ركعة، وهذا ذكره أكثر من ترجم له. وقال إبراهيم بن هانئ النيسابوري: وكان -يعني الإمام أحمد- رأساً في العبادة وعلو الهمة، كان أبو عبد الله حيث توارى من السلطان عندي. وذكر من اجتهاده في العبادة أمراً عجباً قال: وكنت لا أقوى معه على العبادة، وأفطر يوماً واحداً واحتجم.