وجعل الله -جل وعلا- لنبيه من الخصائص ما ليس لغيره من الأنبياء، والخصائص كثيرة، وصنفت فيها المصنفات، وللسيوطي الخصائص الكبرى في ثلاث مجلدات لكن كثير منها لا يثبت، اعتمد فيها مؤلفو الخصائص على أحاديث لا تثبت، وفيما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- من قوله الشيء الكثير فيما يستغنى به عما لا يثبت، ولأمته ما ليس لغيرها من الخصائص من الأمم، مما جعلها خير أمة أخرجت للناس، فهذه الأمة المحمدية خير الأمم على الإطلاق، خير الأمم على الإطلاق، لكن شريطة أن تتصف بالأسباب التي من أجلها جعلت خير أمة أخرجت للناس، كما قال -جل وعلا-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(١١٠) سورة آل عمران]، فمن أهم الخصائص والمزايا التي جعلت هذه الأمة بهذه المثابة خير الأمم إنما هو شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذا قدم في الآية على الإيمان {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} هل يصح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من غير إيمان بالله جل وعلا؟ لا يصح، لا يصح، من شرط صحته صدوره من مؤمن، يؤمن بالله -جل وعلا- ولكن قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للاهتمام به، والعناية بشأنه، وأنه هو السبب، أما الإيمان بالله -جل وعلا- فهو موجود في هذه الأمة وفي غيرها من الأمم.
وجعل الله –جل وعلا- الناس يحشرون تحت لوائه فهو حامل لواء الحمد، والأمم تفزع إليه، لتفريج هم الموقف، يتجهون إلى آدم فيعتذر، ثم يتجهون إلى نوح فيذكر عذره، ثم يتجهون إلى إبراهيم ثم موسى، ثم عيسى، ثم يأتون إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لتخليصهم من هذا الموقف، فيقول -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح:((أنا لها، أنا لها)) ولا شك أن هذه مزية له -عليه الصلاة والسلام- وشرف عظيم قد فاق به الأنبياء.