ولا يقال إن هذه الأمور انتهت، لا يقال أن مثل هذه الأمور انتهت، لكل قوم وارث، سمعت بأذني من يقول في أقدس البقاع يا أبا عبد الله، جئنا بيتك، وقصدنا حرمك، نرجو مغفرتك، يعني قد يقول قائل إن هذه فئة انقرضت مثل ما انقرض غيرها من الطوائف، نقول هذا الفئة موجودة الآن وإذا كانوا قد ألفوا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في منهاج السنة قال: أنه وجد من ألف -بل سماهم- من ألف في مناسك المشاهد، نسأل الله السلامة والعافية، فجعلت هذه المشاهد بمثابة بيت الله، الكعبة المشرفة، فألفوا في مناسكها.
من الأمثلة التي تذكر في هذا المجال من الغلو الذي يجاوز الحد بل يحكم على صاحبه بأنه صرف العبودية التي لا تجوز إلا لله -جل وعلا- والأمور التي لا يعلمها إلا الله -جل وعلا- صرفها لنبيه -عليه الصلاة والسلام- من ذلكم قول البوصيري في بردته الشهيرة:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من جوده، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ، وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس، وكل ذلك كفر صريح، ومن العجب أن الشيطان أظهر ذلك لهم، في صورة محبته -عليه الصلاة والسلام- وتعظيمه ومتابعته، وهذا شأن اللعين إبليس, لا يأتي مباشرة إلى المسلم، ويذكر له الشيء الواضح الصريح، المخالفة الواضحة ويقول ارتكبها، لا، يمزج، يمزج الحق بالباطل ليروج، ولو جاء بالباطل مجرداً لما راج، فيمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه الأنعام أتباع كل ناعق، الذين لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، لأن هذا ليس بتعظيم، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح، وهم أبعد الناس منه، فإن التعظيم بالقلب يتبع اعتقاد كونه -عليه الصلاة والسلام- عبداً رسولاً، فإن التعظيم كما ذكرنا محله القلب واللسان والجوارح، وهم أبعد الناس من ذلك.
علامة محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام-:
ويصدق هذه المحبة كما قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمنا الله وإياهم أجمين- يقول: يصدق هذه المحبة أمران: