في حديث عقبة بن عامر: ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، والجمهور على أنه لا يصلى في هذه الأوقات شيء من التطوعات، ولو كانت ذا سبب، وهو المعروف عند الحنفية والمالكية والحنابلة، أما الشافعية فيقولون بأن ذوات الأسباب تفعل في أوقات النهي، وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ويفتي به من يفتي من المعاصرين بناء على أن أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، لكن للطرف الثاني أن يقول عكس ما قاله هؤلاء، بأن يقولوا: أحاديث ذوات الأسباب عامة وأحاديث النهي خاصة، والخاص مقدم على العام، وليست دعوى الطرف الأول بأقوى من دعوى الطرف الثاني، فالعموم والخصوص وجهي لا مطلق، عموم وخصوص وجهي، بمعنى أن أحاديث النهي عامة في الصلوات خاصة في الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة في الصلوات عامة في الأوقات، بعكس أحاديث النهي، ولذا الدعوى متقابلة، والمسألة من عضل المسائل والترجيح فيها مما تضيق به الأنظار حتى قال بعض أهل العلم: إن الإنسان إذا دخل المسجد في وقت النهي إما لا يدخل أو يستمر واقف؛ لأن إن جلس خالف فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، وإن صلى خالف لا صلاة بعد العصر، لا صلاة بعد الصبح، ثلاث ساعات .. إلى أخره, فهو يقع في الحرج العظيم، وعلى كل حال فالمرجح أنه في الأوقات الموسعة، إن شاء أن يصلي فلا حرج عليه, وأما في الأوقات الثلاثة المضيقة فلا، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- حينما ترجم باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، أورد أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر, مما يدل على أنه لا يرى الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وإذا طاف فإنه لا يصلي حتى يخرج وقت النهي، وأردف الترجمة بقوله: وصلى عمر -رضي الله تعالى عنه- ركعتي الطواف بذي طوى، يعني بعد أن خرج وقت النهي، ولا مانع أن يطوف الإنسان بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، لكن إذا ضاق الوقت يؤجل الصلاة حتى تغيب الشمس أو ترتفع الشمس, وجاء عن جابر -رضي الله عنه: - ما كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الصبح ولا بعد العصر، لكن الطواف معروف أنه لم يرد فيه نهي