وعن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية, وفي الأخريين قدر قراءة خمس عشرة آية, أو قال: نصف ذلك, وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية, وفي الأخريين قدر نصف ذلك، رواه مسلم وأحمد فعلى هذا: القراءة تطول في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر, وتكون الركعة الأولى أطول من الثانية, في الركعتين الأخريين إن شاء اقتصر على الفاتحة, وإن قرأ معها سورة أخرى فلا بأس, وهو ثابت, هذا بالنسبة لصلاة الظهر والعصر.
يقول ابن القيم: فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها, وكان يطيلها تارة, ويخففها لعارض من سفر أو غيره, ويتوسط فيها غالباً, وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية, وصلاها بسورة ق, وصلاها بالروم, وصلاها بـ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [(١) سورة التكوير] وصلاها بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [(١) سورة الزلزلة] في الركعتين كلتيهما, وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر, وصلاها فافتتح سورة المؤمنون, حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلةٌ فركع, كح فركع، وكان يصليها يوم الجمعة بـ"ألم تنزيل السجدة" وسورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [(١) سورة الإنسان] كاملتين.
وقرأ في المغرب بالأعراف, وفرَّقها في الركعتين, وصلاها مرةً بالطور, ومرةً بالمرسلات. و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(١) سورة الأعلى] في حديث جبير بن مطعم في الصحيح أنه سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب بالطور, يقول: وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبه، وكان قد جاء في فداء أسرى بدر قبل أن يسلم، قرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(١) سورة الأعلى] و {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [(١) سورة التين] والمعوذتين, وكان يقرأ فيها بقصار السور من المفصل، قال ابن عبد البر: وكلها آثار صحاح مشهورة.