لكن لم يكن يداوم -عليه الصلاة والسلام- على قصار المفصل, يعني إذا عرفنا أنه قرأ بالأعراف, وهي سورة طويلة, وقرأ بالمرسلات, وقرأ أيضاً بالطور, وقرأ بالقصار، فعلى الإمام ألا يشق على المأمومين, يأخذ هذه القاعدة عامة ((إذا أم أحدكم الناس فليخفف, فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة)) هذه القاعدة مطردة, لا يشق على الناس, ولا يمل الناس من الصلاة, ولا يجعل الناس يستثقلون الصلاة ويكرهونها, لكن يأتي بالسنة, يأتي بالطوال أحياناً, يفعل السنة أحياناً, ويلاحظ أحوال المأمومين, هذا هو الأصل.
يقرأ في صلاة المغرب في الركعتين الأوليين بالفاتحة وسورة, وفي الركعة الثالثة ثبت عن أبي بكر -رضي الله عنه- في الركعة الثالثة من صلاة المغرب أنه كان يقرأ فيها بعد الفاتحة بقوله -جل وعلا- {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ... } [(٨) سورة آل عمران] إلى آخر الآية, هذا ثابت عن أبي بكر الصديق, رواه الإمام مالك.
ويرون أن هذا بمثابة القنوت؛ لأنها آية تتضمن دعاء, والمغرب ثبت أنها وتر النهار, وهذا عمل من هذا الخليفة الراشد المسدد الذي أُمِرنا بالاقتداء به, فلو فُعِلَت اقتداء بهذا الخليفة الراشد فلا بأس, لا سيما أحياناً, يعني لو لم يداوم عليها الإنسان, ولو تُرِكَت باعتبارها لا يثبت فيها شيء مرفوع فالأمر فيه سعة.
وأما العشاء الآخرة فقرأ فيها بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [(١) سورة التين] ووقَّت لمعاذ بن جبل بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [(١) سورة الشمس] و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(١) سورة الأعلى] و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [(١) سورة الليل] ونحوها.