المقصود أن القيام شأنه عظيم، محك واختبار وابتلاء للإنسان، وتصفية للقلب؛ لكن قد يقوم الإنسان ويهيء الأسباب، وينفي الموانع؛ لكن يقف بين يدي ربه وقلبه ليس بحاضر، وينصرف من قيامه بالعُشر أو أقل، مثل هذا عليه أن يجاهد، ويستحضر أنه ماثل بين يدي الله -جل وعلا-، ويتدبر ما يقول من قرآن وأذكار، ثم بعد ذلك بالتدريج يحصل له ما يريد -إن شاء الله تعالى-، ويحرص أشد الحرص على البعد كل البعد عما يشغله عن إصلاح قلبه، ومن أوضح ذلك طيب المطعم والمشرب، هذا من أعظم ما يعين على صلاح القلب، فإذا أطاب مطعمه ومشربه استحق أن يكون مجاب الدعوة ((أطب مطعمك تستجب دعوتك)) فإذا أجيبت دعواته أعين على ما يريد من أمور الدنيا والآخرة.
المقصود أن القيام شأنه عظيم، والقيام يراد به الصلاة، من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر هذا قيام الليل، وعمارة هذا الوقت بالصلاة والتلاوة والذكر، وأفضله كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أفضل القيام قيام داود، ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه)) ينام نصف الليل ويحسب الليل من صلاة العشاء، من الوقت الذي يتسنى فيه القيام، وإذا تم الحساب على هذا الأساس من صلاة العشاء ونام نصف الليل يكون قيامه في الثلث الأخير، بينما لو حسبنا الليل من غروب الشمس صار قيامه بدأ من نصف الليل قبل وقت نزول الإله، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام بن تيمية وغيره.
المقصود أن هذا الوقت يعمر بالصلاة والتلاوة والذكر، فالنوم الذي ينامه بعد صلاة العشاء وينوي به الاستعانة على القيام هو في صلاة، هو في قيام، هو في عبادة، يكتب له أجر، فإذا قام الثلث واستغل هذا الوقت فيما يكتبه الله له على خلاف بين أهل العلم في القدر المحدد من الركعات، فقد جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:"ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاًَ فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث" هذه إحدى عشرة.