فما معنى قول عمر:"نعمت البدعة" وهل فيه مستمسك لمن يرى أن من البدع ما يمدح؛ لأنه قال:"نعمت البدعة" والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((كل بدعة ضلالة)) شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن البدعة في كلام عمر لغوية وليست بشرعية، وغيره يقول: هي مجاز، استعمال اللفظ في غير ما وضع له مجاز، وشيخ الإسلام كما هو معروف وجمع من أهل التحقيق ينفون المجاز لا في النصوص ولا في لغة العرب، فهل التراويح بدعة لغوية؟ بعد أن نتفق أنها ليست ببدعة شرعية؟
شيخ الإسلام يميل في اقتضاء الصراط المستقيم إلى أنها بدعة لغوية، فإذا عرضنا هذا الفعل من عمر -رضي الله عنه- وجمع الناس على إمام واحد على التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي عرفنا أنه هل يمكن أن يقال لها: بدعة لغوية أو بدعة اصطلاحية شرعية؟ البدعة في اللغة: ما عمل على غير مثال سابق، والتراويح عملت على مثال سابق، أو ابتدعها عمر من غير أن يسبق لها ذكر ولا وجود؟ عملت على مثال سابق، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصحابة جماعة، وتركها لا عدولاً عنها ولا نسخاً لها، وإنما تركها خشية أن تفرض، شفقة ورحمة ورأفة بأمته -عليه الصلاة والسلام-، فليست ببدعة لغوية؛ لأن التعريف اللغوي لا ينطبق عليها، وليست ببدعة شرعية؛ لأنها سبق لها شرعية، والبدعة في الشرع: ما أحدث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، وهذا سبق شرعيته من السنة، ليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، وليست بمجاز؛ لأنه ليس في لغة العرب مجاز، على القول المحرر المحقق عند أهل التحقيق، وممن يقول به شيخ الإسلام وغيره، وسماه ابن القيم طاغوت، المجاز لأنه بواسطته توصل المبتدعة إلى إثبات ما أرادوا ونفي ما لم يريدوا، إذا لم تكن بدعة لا لغوية ولا شرعية ولا مجاز، كيف نخرج كلام عمر الثابت في البخاري "نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل منها" يعني صلاة آخر الليل؟ هنا في علم البديع ما يسمى بالمشاكلة، والمجانسة في التعبير، مشاكلة، تجد اللفظ واحد والمعنى مختلف، جاء ما يؤيده في كلام العرب.
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا
هذه مشاكلة ومجانسة في التعبير وإلا فالقميص والجبة ما تطبخ.