للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى كل حال لا يكون هذا ذريعة لترك التراويح؛ لأن بعض الناس ينشط مع الناس لكن إذا جاء في آخر الليل يوتر بأي شيء، والقيام يصدق على أقل شيء، يقول مثل هذا يصلي مع الناس ولا يفرط في مثل هذا الوعد الذي جاء والفضل من الله -جل وعلا- ((أن من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) لا يفرط بمثل هذا إلا إذا كان على يقين من أمره أنه يصلي صلاة أكمل منها، ولا يضره أن يصلي مع الإمام مدة يسيرة ما تكلف شيء ثم إذا قام من الليل يزيد ما شاء ((صلاة الليل مثنى مثنى)) ولا عدد محدود كما قررنا واختاره جمع من أهل التحقيق، بل هو قول عامة أهل العلم، ولذا المرجح بصلاة التراويح عند الحنابلة الثلاثة والعشرين، وعند المالكية الستة والثلاثين، وعند غيرهم أربعين، يزيدون وينقصون على أن تكون مثنى مثنى، وإذا خشي الصبح أوتر، إذا صلى إحدى عشرة سلم من كل ركعتين وإذا صلى تسع فقط سرد ثمان، سرد ثمان ركعات ثم جلس وتشهد ثم قام ليأتي بالتاسعة، ثم سلم، وإذا صلى سبع يسرد السبع ولا يجلس إلا في آخرها، وقل مثل هذا في الخمس، والثلاث يجوز أن تسرد بسلام واحد على أن لا تشبه بالمغرب، وإذا صلاها ثلاثاً بسلامين فهو أكمل، والحرمان ظاهر على كثير من الناس والتفريط كبير، وسوف يندم المفرط ولات ساعة مندم؛ لأن هذا وقت الزرع، فإذا فرط الإنسان في هذه العبادة أو فرط في غيرها ولم يبقَ له إلا الفرائض من أين يكمل الخلل الواقع في هذه الفرائض؟ وإذا لم يكن له نصيب من ورد بالليل وقيام وذكر وتلاوة وفي الغالب لا يعان على تكميل الفرائض، نعم جاء في حديث الأعرابي الذي سأل في شرائع الإسلام وأقسم أنه لا يزيد على هذا ولا ينقص وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلح إن صدق)) لا يمكن أن يوجب أحد غير ما أوجبه الله -جل وعلا-، ولا يأثم الإنسان بترك السنن؛ لكن هذه السنن تكمل له النقص في الفرائض وتعينه على الإتيان بها؛ لأنه إذا فرط في المستحبات دب إليه العجز عن الواجبات، وقل مثل هذا فيمن استرسل في المباحات فإنه لا يأمن أن يرتكب المكروهات ثم بعد ذلك قد تطلب نفسه المباحات فلا تجدها وقد مرنت عليها، ثم تطلب المكروهات فلا تجدها فيضطر بعد ذلك إلى ارتكاب بعض