آخره، إلى غير ذلك، لكن أنت ما تدرك هذه الكيفيات، بالنسبة لزيد الذي لم تره، ولم يوصف لك، ولا قيل إنه مثل فلان، أنت ما تدرك هذه الصفات، لكن تعرف معاني هذه الصفات، ففرق بين أن تعرف المعنى، وبين أن تجهل الكيفية، وبين أن تقول: هذا اللفظ لا معنى له البتة.
لماذا أقول مثل هذا الكلام وأستطرد فيه؟ لأنه جيء لنا من بعض المواقع، ومن بعض ما ينشر في الإنترنت وغيره مثل هذا الكلام، وأن مذهب السلف هو التفويض، يا أخي السلف يعرفون المعنى، الاستواء معلوم، لكن ما الذي يجهلون؟ يجهلون الكيفية، الاستواء له معنى في لغة العرب، وله معنى في النصوص، لكن الكيفية يجهلونها، أنت إذا سمعت أن زيد فلان ابن فلان من علماء مصر، من علماء الشام، ما رأيته، ولا قيل لك إنه مثل فلان، تراه شبيه بفلان، تعرف أن له عيون مثل الناس، وله يدان مثل الناس، وله أرجل مثل الناس، وطوله له قامة، وله كذا، لكن أنت ما تدرك هل عيناه صغيرتان أو كبيرتان، أو يداه طويلتان، أو لونه أسود، أو أبيض، ما تدري؛ لأنك ما رأيته، ولا رأيت من يشبهه، فأنت تعرف هذه المعاني، لكن كيفيات هذه المعاني لا تدركها، بخلاف عكس زيد، إذا قيل: ديز، ديز إيش معناها؟ ما لها معنى، ليس لها معنى، وهذا نظير قول المفوضة، وهذا كلام ما له معنى، يمر كما جاء ما له معنى.
فحجروا على الرب -تبارك وتعالى- بعقولهم الفاسدة وآرائهم الباطلة، وشبهوا أفعاله بأفعالهم، وردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب -جل وعلا-، أو حرفوها عن مواضعها، وضللوا وبدعوا من خالفهم فيها، والتزموا فيها لوازم أضحكوا عليهم فيها العقلاء".