ولا يعني هذا أن من قرأ من غير تدبر لا أجر له، لا، أجر التدبر والترتيل والاستنباط والعمل قدر زائد على أجر الحروف المرتب على مجرد قراءة الحروف، ((من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول: آلم حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) فعجب من طالب ينتسب إلى العلم الشرعي وهو يخل في كتاب الله -جل وعلا-، الذي جاء الحث على تعلمه وتعليمه، ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) فإذا كانت الختمة التي لا تكلف شيء، يا إخوان القرآن تمكن قراءته في ست ساعات وتحصل على ثلاثة ملايين حسنة؛ لكن متى؟ أنت تحتاج إلى تمرين، قد تكون في أول الأمر يصعب عليك أن تقرأ في الساعة إلا جزأين؛ لكن مع الوقت تستطيع أن تقرأ في الساعة خمسة أجزاء، ولا يقول قائل: أن هذه القراءة لا تترتب عليها آثاره، عرفنا من يقرأ هذه القراءة ومع ذلكم يبكي وتنحدر الدموع بغزارة من عينيه، فالمسألة مسألة تمرين، ابذل الأسباب والله -جل وعلا- يوفقك، يعني من العلماء الذين أدركتموهم الذين يعملون لدينهم في اليوم والليلة عشرين ساعة، هؤلاء ملائكة الإنسان إذا عمل ساعة يحتاج إلى يوم ليرتاح، هؤلاء الذين عملوا عشرين ساعة باليوم والليلة هم ملائكة؛ لكن ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) يصير لك تاريخ مع الله -جل وعلا-، ثم تأتي مباشرة تتشبه بهؤلاء وبالسلف تقرأ القرآن مثل قراءتهم؟ لا يمكن، والشواهد على ذلك كثيرة، يجلسون الإخوان بعد صلاة العصر في رمضان يصلون العصر إلى أذان المغرب لكن تجد بينهم بون شاسع في قراءتهم، هذا تعود القراءة، وذل لسانه بالقرآن، فصار يقرأ، والقرآن سهل ميسر، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [(٢٢) سورة القمر] لكن هل من مدكر؟ هذا الإشكال، مو المسألة على الفرغة، تقول: هذا متى ما بغيته لقيته، مو بصحيح، فلا بد أن يكون لك نصيب من كتاب الله -جل وعلا- وإذا فرط الإنسان في كتاب الله بماذا يعتني؟ لا سيما طالب العلم، أعرف من طلاب العلم من يقرأ في اليوم عشرة جرائد، ينتهي من الدوام قبيل العصر، ويمسك الجرائد من صلاة العصر إلى منتصف الليل، ماذا جنى هذا؟ وماذا كسب؟ ومع الأسف أن يوجد هذا فيمن ينتسب إلى طلب العلم،