الفوائد الناتجة عن الربا بالصور المحرمة لا شك أنه سحت، وخبيث وحرام، لا يجوز استعماله، ولا يجوز الإنفاق منه في سبيل الله إلا على سبيل التخلص منه؛ لأنه خبيث، والله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وجاء في كسب الحجام أنه خبيث ((أطعمه ناضحك)) فإن أعطي وأطعم ما لا يعقل، أو صرف في المصارف الخبيثة كدورات المياه، وما أشبه ذلك فلا بأس حينئذٍ بنية التخلص، أما كونه يأخذه شخص ليأكله ويستفيد منه، ويبني عليه جسمه وجسده وجسد من يعول، فهذا ليس بصحيح، إنما يتخلص منه للمصارف الدنيئة، ولا يدخل هذا في عموم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الأموال التي فيها الشبهة تسدد منها الديون، هذه ليست شبهات، هذه محرمات صريحة، مقطوع بها، فلا يقال: هذه من الشبهات التي ذكرها شيخ الإسلام، فإذا تاب المرابي فليس له من المال إلا رأس المال، على خلافٍ في رأس المال هل المراد به في أول دخوله هذه التجارة، أو المراد به عند التوبة، قولان لأهل العلم، والجمهور على أنه عند دخوله في التجارة، فإذا افترضنا أن شخصاً زاول تجارة الربا الصريح بمبلغ ألف ريال، ثم استمر على ذلك عشر سنوات، فنظر في الحساب فإذا فيه مليون ريال، الحساب فيه مليون ريال، وفيه مائة ألف في الذمم، ما استلمت، هل رأس المال الألف أو المليون؟ على قولين: فالأكثر على أن رأس المال الألف وما زاد على ذلك يجب أن يتخلص منه، {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [(٢٧٩) سورة البقرة] والآية محتملة {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} التي دخلتم بها التجارة، {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} وقت التوبة، والتوبة تجب ما قبلها، والقول الثاني: راجحٌ من حيث النظر؛ لأن فيه الحث على التوبة، والإعانة على التوبة، وإن كان القول غير قول الجمهور، وهو المعتمد والمفتى به؛ لكن الثاني له وجهٌ من النظر؛ لأنه يحث على التوبة، ويعين عليها، فإذا كان الإنسان عنده من الأموال مليون ريال، وعند الناس له من جراء الربا مائة ألف لا يجوز لا أن يستوفي منه شيئاً؛ لكن المليون هو رأس ماله الآن وقت التوبة، والفوائد التي لم يقبضها ليست