له، هذا على القول الثاني، ويرجح من حيث النظر بأنه فيه إعانة على التوبة، والكافر إذا أسلم لا يؤمر بقضاء ما فاته من العبادات ترغيباً له في الإسلام، فإذا أسلم مَن عمره سبعون سنة فقيل له: عليك أن تقضي صلوات خمسة وخمسين سنة، وصيام خمسة وخمسين سنة، احتمال أن يقول أيش؟ هذه مشقة عليه، فلا يتشجع للدخول في الإسلام، ومثل هذا الذي دخل التجارة بألف، ثم زاول التجارة بهذه المهنة الخبيثة المتفق على خبثها، ثم قيل له بعد عشر سنوات: مالك إلا هذا الألف، وما عدا ذلك لا يجوز لك أن تأخذه، احتمال أن يقول: ننتظر ما نتوب الآن، ويسوف حتى يبغته الأجل؛ لكن إذا أعين على التوبة بأن يقال له: لك رأس مالك الآن والتوبة تهدم ما كان قبلها، والآية محتملة، صار ذلك سبباً في استقامة حاله، وانشراح صدره للتوبة، وأسلوب يستعمله شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول:"ومن المحال في العقل والدين" ثم يورد ما يرده -رحمه الله تعالى-. ولقائلٍ يقول: ومن المحال في العقل والدين أن يحث الله -جل وعلا- على التوبة، ويحب التوابين، ويفرح بتوبة العبد، ويصد من أراد التوبة عنها؛ لأنه وجد من دخل التجارة بعشرين ريال، وتاب عن مائتي مليار، لا شك أن المسألة حظ النفس قد يسد، من يقوى على مثل هذا، من يستطيع مثل هذا، على كل حال المسألة قابلة للنظر، والقول المعتمد عند أهل العلم هو الأول، وهو قول الجمهور، وأنه ليس له من ماله إلا ما دخل به التجارة، وما زاد على ذلك ليس له؛ لكن هذه عرض للقول الآخر، وله عندي حظٌ من النظر.
أثابكم الله، وهذا سؤال من أحد الإخوة الحضور: يسأل عن حدود الوسطية ومفهومها، يقول: لأن من الناس من يذم التمييع والتساهل، ويهرب طالباً الوسطية، وإذا هو يسقط مع الجانب الآخر، وهو جانب التنطع والغلو التشدد، ومنهم بالعكس من يهم التنطع والغلو، ويهرب طالباً الوسطية، ثم يسقط مع الجانب التسهيل والتيسير، كما يذكر، فما حدود الوسطية ومفهومها؟