الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن صيام الست ليس بمشروع؛ لأنه على حد قوله في الموطأ ما رأى أحداً من أهل العلم والفضل والفقه يصومه، ولكن إذا ثبت الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا قول لأحد معه، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، كما قال الإمام مالك -رحمه الله-، فصيام الست مشروع، وإذا صامها بعد إتمام صيام رمضان أدرك السنة ولو فرقها، ولا يلزم التتابع، وكونها في أول شوال أولى، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (( ... ثم أتبعه ستاً)) وكونه يكون عليه القضاء من رمضان ثم يقدم الست لأن وقتها مضيق في الشهر، ووقت القضاء يمتد إلى شعبان، لا يترتب عليه الثواب المرتب على صيام الست بعد رمضان؛ لأنه لا يكون متبعاً لرمضان بالست؛ لأن المفهوم من رمضان الشهر كامل ((من صام رمضان –يعني كاملاً– وأتبعه ستاً من شوال)) وعلى هذا فالقضاء لا بد أن يكون قبل النفل، لا بد أن يكون قبل التنفل.
قد يقول قائل: هل يتصور أن عائشة -رضي الله عنها- لا تتنفل بشيء من الصيام؛ لأنها تؤخر القضاء إلى شعبان، إذاً فمتى تصوم الست؟ ومتى تصوم عرفة وعاشوراء؟ تصور أن عائشة تفرط بهذه الأيام التي تثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الحث عليها، وبعضها من طريقها؟ هل نقول: أن عائشة تفرط في الصيام المندوب، أو نقول: أنها تصوم النفل قبل قضاء رمضان؟.
هو لا شك أن قضاءها رمضان في شعبان في عهده -عليه الصلاة والسلام- وبحضرته لأنه هو سبب التأخير، لأنه حقه -عليه الصلاة والسلام- عليها هو سبب التأخير، فلا يتصور أن هذا من اجتهادها، بل بعلمه -عليه الصلاة والسلام-، لأنها في بيته، يعرف متى تصوم؟ ويعرف متى تفطر؟ كان يصوم الصبيان في عاشوراء وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لا تصوم يوم عاشوراء؟ هذا يستدل به من يقول: أنه يجوز التنفل قبل قضاء الفرض.